"وكان للعرب مع هذا معرفة بأوقات مطالع النجوم ومغاربها، وعلم بأنواء الكواكب وأمطارها على حسب ما أدركوا بفرط العناية وطول التجربة، لاحتياجهم لمعرفة ذلك في أسباب المعيشة لا على طول تعلم الحقائق، ولا على سبيل التدرب في العلوم".
"وأما جزيرة العرب فإن بحر الهند الكبير يصادرها من جنوبها، ويعانقها من غربها بخليج جدة الواصل إلى القلزم، ومن شرقها بخليج فارس الواصل إلى البصرة، ولا تبقى لها طريق متصل إلى البر إلا ما هو من جهة الشمال حيث بلاد الشام".
قال البيهقي: ودون هذه الجزيرة العربية على السواحل والحد المتصل بالبر خمسة آلاف وأربعمائة ميل، فلا يستوفي الراكب ذرع نطاقها إلا في مقدار نصف سنة؛ وفي نحو ذلك يقطع النصف من المعمور من الأرض. فاعلم مقدار ما أخذته هذه الجزيرة العربية من مساحة الأرض، وما حازته هذه الأمة منها. ثم إنها لم تقتنع بها في الجاهلية بل خرجت منها إلى العراق والجزيرة والشام، وكان لها بها ديار معلومة. وأما في الإسلام فلم تكد أمة تسلم من الاستيلاء على أرضها إن شاركتها فيها.
وللناس كلام كثير في تفضيل العرب، وكلام أيضًا في تفضيل العجم عليهم. ويعرف الذين يفضلون العجم بالشعوبية. وما تقف عليه من أخبارهم وآثارهم وكلامهم في جاهليتهم وإسلامهم يغنيك عن الإطناب.
1 / 82