فكان ذلك دأبهم زمان الصيف والربيع والخريف، فإذا جاء الشتاء واقشعرت الأرض انكمشوا إلى أرياف العراق وأطراف الشام، وركنوا إلى القرب من الحواضر والقرى، فشتوا هنالك مقاسين لكبد الزمان ومصطبرين على بؤس العيش. وهم خلال ذلك يتواسون بقوتهم، ويتشاركون في بلغتهم، ولا ينامون عن إباء الضيم، ونصرة الجار، والذي عن الحريم".
"وكانت أديانهم مع ذلك مختلفة: فكانت حمير تعبد الشمس إلى أن تغلب سليمان على بلقيس، فتهود أهل اليمن. وكانت كنانة تعبد القمر، ولخم وجذام المشتري، وطيء سهيلا، وقيس الشعري العبور، وأسد عطاردًا. وكانت ثقيف وإياد تعبد بيتا بأعلى نخلة يقال له: اللات. ثم عبدت إياد وبكر بن وائل كعبة سنداد وكان لحنيفة صنم من حسيس - وذلك أخلاط من تمر وأقط وسمن - فلحقتهم المجاعة فأكلوه، فقال في ذلك أحد الشعراء:
1 / 75