أَوْ زِيدَ، أَوْ نُقِصَ مِنْهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ فَسَمَّى الْقِرَاءَةَ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ الْحَرْفُ فِيهَا حَرْفًا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ وَاعْتِمَادًا عَلَى اسْتِعْمَالِهَا.
(قُلْتُ): وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ مُحْتَمَلٌ إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مُحْتَمَلٌ احْتِمَالًا قَوِيًّا فِي قَوْلِهِ ﷺ: سَبْعَةُ أَحْرُفٍ أَيْ: سَبْعَةُ أَوْجُهٍ وَأَنْحَاءٍ. وَالثَّانِي مُحْتَمَلٌ احْتِمَالًا قَوِيًّا فِي قَوْلِ عُمَرَ ﵁ فِي الْحَدِيثِ: سَمِعْتُ هِشَامًا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، أَيْ: عَلَى قِرَاءَاتٍ كَثِيرَةٍ وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِيهَا أَحْرُفًا لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ أَقْرَأَنِيهَا، فَالْأَوَّلُ غَيْرُ الثَّانِي كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، (وَأَمَّا) الْمَقْصُودُ بِهَذِهِ السَّبْعَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ الْحَرْفُ الْوَاحِدُ يُقْرَأُ عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ، إِذْ لَا يُوجَدُ ذَلِكَ إِلَّا فِي كَلِمَاتٍ يَسِيرَةٍ نَحْوَ أُفٍّ، وَجِبْرِيلُ، وَأَرْجِهْ، وَهَيْهَاتَ، وَهَيْتَ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةَ الْقُرَّاءَ الْمَشْهُورِينَ، وَإِنْ كَانَ يَظُنُّهُ بَعْضُ الْعَوَامِّ ; لِأَنَّ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةَ لَمْ يَكُونُوا خُلِقُوا وَلَا وُجِدُوا، وَأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ قِرَاءَاتِهِمْ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ فِي أَثْنَاءِ الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا لُغَاتٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِهَا فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قُرَيْشٌ، وَهُذَيْلٌ، وَثَقِيفٌ، وَهَوَازِنُ، وَكِنَانَةُ، وَتَمِيمٌ، وَالْيَمَنُ. وَقَالَ غَيْرُهُ خَمْسُ لُغَاتٍ فِي أَكْنَافِ هَوَازِنَ: سَعْدٌ، وَثَقِيفٌ، وَكِنَانَةُ، وَهُذَيْلٌ، وَقُرَيْشٌ، وَلُغَتَانِ عَلَى جَمِيعِ أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ: يَعْنِي عَلَى سَبْعِ لُغَاتٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ أَيْ أَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْقُرْآنِ فَبَعْضُهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ وَبَعْضُهُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ وَبَعْضُهُ بِلُغَةِ هَوَازِنَ وَبَعْضُهُ بِلُغَةِ الْيَمَنِ.
(قُلْتُ): وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مَدْخُولَةٌ، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ اخْتَلَفَا فِي قِرَاءَةِ سُورَةِ الْفُرْقَانِ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ وَكِلَاهُمَا قُرَشِيَّانِ مِنْ لُغَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ، (وَقَالَ) بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهَا مَعَانِي الْأَحْكَامِ: كَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ، وَالْأَمْثَالِ، وَالْإِنْشَاءِ، وَالْإِخْبَارِ. (وَقِيلَ) النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ، وَالْخَاصُّ وَالْعَامُّ، وَالْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ، وَالْمُفَسَّرُ (وَقِيلَ) الْأَمْرُ، وَالنَّهْيُ، وَالطَّلَبُ،
1 / 24