يعني: أن النية هي قصد إمالة الفعل إلى جهة الحكم الشرعي بأن ينوي إيقاع الفعل على الوجه الذي أمر الله به أو نهي عنه أو إباحة قاله القرافي. وحكمتها في العبادات التقرب إلى الله بها وتمييزها عما ليس بعبادة كالوضوء يكون للصلاة ويكون للتبرد والتنظيف والجلوس في المسجد يكون لتعمير المسجد وللصلاة فهو عبادة ويكون للفرجة ولتلقي الأخبار وتكون الحكمة أيضًا التمييز لنوع العبادة عن نوعها الآخر ككونها فرضًا أو نفلًا والفرض منه كفاية ومنه عين ومنذور وغيره.
قوله: (وغيره التمييز -البيت -) يعني: أن حكمتها في غير العبادات التمييز فقط كوصي على أيتام لا ينصرف شراؤه لأحدهم إلا بالنية لأن التصرف إذا دار بين جهات لا ينصرف لأحدها إلا بالنية ومتى اتحدت الجهة انصرف لها دون النية لتعينها كتصرفه لنفسه، ولغيره بالوكالة لا ينصرف لغيره إلا بالنية لأن تصرف الإنسان لنفسه أغلب قاله القرافي.
قوله: (فما نهى عنه -البيت) يعني أن النواهي لا يحتاج فيها إلى نية شرعا إذ يخرج الإنسان عن عهدة المنهي عنه لمجرد تركه وإن لم يشعر به فضلًا عن القصد إليه لكن إن نوى بتركها وجه الله تعالى حصل له الثواب وكان الترك قربة قاله القرافي وغيره.
وقيل يشترط قصد الترك ولم أقف عليه في المذهب وغير المطلوب لا يتقرب به إلى الله فلا معنى للنية فيه لكن يقصد في المباح التقوي على مطلوب كما يقصد بالنوم التقوي على قيام الليل فمن هذا الوجه تشرع نيته لا من حيث هو مباح. قاله القرافي وغيره.
قال السبكي والأصح أن المباح ليس بجنس للواجب وأنه غير مأمور به من حيث هو. قاله: (كما تمحض. البيت) يعني أن ما تمحض من الأوامر لغير العبادات لا تجب فيها النية كدفع الدين للغرماء ورد الودائع والعواري والمغصوبات لأن المصلحة المقصودة من هذه ونحوها انتفاع أربابها بها مع براءة المطلوب بها، وذلك لا يتوقف على النية. قوله: (كقربة -البيت -) يعني: أنه لا تجب النية فيما كان من الأوامر
1 / 36