167

نصب الراية لأحاديث الهداية

نصب الراية لأحاديث الهداية

ایڈیٹر

محمد عوامة

ناشر

مؤسسة الريان للطباعة والنشر ودار القبلة للثقافة الإسلامية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1418 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت وجدة

صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: "أَيُّكُمْ يَتْبَعُنِي إلَى وَفْدِ الْجِنِّ اللَّيْلَةَ؟ " فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ ثَلَاثًا، فَمَرَّ بِي فَأَخَذَ بِيَدِي، فَجَعَلْت أَمْشِي مَعَهُ حَتَّى خَنَسَتْ عَنَّا جِبَالُ الْمَدِينَةِ كُلُّهَا، وَأَفْضَيْنَا إلَى أَرْضٍ بارز، فَإِذَا رِجَالٌ طِوَالٌ كَأَنَّهُمْ الرِّمَاحُ مُسْتَنْفَرِينَ، ثِيَابُهُمْ مِنْ بَيْنِ أَرْجُلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ غَشِيَتْنِي رَعْدَةٌ شَدِيدَةٌ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَضَعَّفَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ، بِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أُنْكِرَ شُهُودَهُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَنْكَرَهُ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ، ثُمَّ أَسْنَدَ إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ أَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ، ثُمَّ أَسْنَدَ إلَى الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ، هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ فَذَكَرَهُ إلَى آخِرِهِ بِلَفْظِ مُسْلِمٍ، ثُمَّ أَسْنَدَ إلَى عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا، وَسَأَلْتُ إبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: لَيْتَ صَاحِبَنَا كَانَ ذَاكَ، انْتَهَى. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، فَإِنَّ الْبَيْهَقِيَّ قَالَ فِي بَابِ مَنْ كَبُرَ بِالطَّائِفَتَيْنِ: أَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يُدْرِكْ أَبَاهُ، انْتَهَى. وَإِبْرَاهِيمُ أَيْضًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ صِفَةَ أَنْبِذَتِهِمْ الَّتِي كَانَتْ، فَسَاقَ بسنده إلى عائشة، قال: كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سِقَاءٍ، نَنْبِذُهُ غُدْوَةً فيشربه عشاءًا، وننبذه عشاءًا فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً، وَهَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ١، ثُمَّ أَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ إلَى أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: تُرَى نَبِيذُكُمْ هَذَا الْخَبِيثُ إنَّمَا كَانَ مَا يُلْقَى فِيهِ تَمَرَاتٌ فَيَصِيرُ حُلْوًا؟، انْتَهَى. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ، أَنَّ مِثْلَ هَذَا النَّبِيذِ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ التَّمْرَ وَنَحْوَهُ إذَا غَلَبَ وَصْفٌ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرُ عَلَى الْمَاءِ، فَأَزَالَ اسْمَهُ يَمْتَنِعُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا يُنْبَذُ مِنْ غُدْوَةٍ إلَى الْعِشَاءِ، وَصَارَ حُلْوًا صَارَ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ ﵇، قَالَ: "هَلْ مَعَك مَاءٌ؟ " قَالَ: لَا فَدَلَّ أَنَّ الْمَاءَ اسْتَحَالَ فِي التَّمْرِ حَتَّى سَلَبَ عَنْهُ اسْمَ الْمَاءِ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ نَفْيُهُ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَضَعَّفَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَاخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْوُضُوءُ لَا فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ، وَقَالَ: إنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ رُوِيَ مِنْ طرق لا تقوم مثلها حُجَّةٌ، وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إنِّي لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ، وَسُئِلَ أَبُو عُبَيْدَةَ هَلْ كَانَ أَبُوكَ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ؟ فَقَالَ: لَا، مَعَ أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا، لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، وَلَمْ نَعْتَبِرْ فِيهِ اتِّصَالًا وَلَا انْقِطَاعًا، وَلَكِنَّا احْتَجَجْنَا بِكَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ، لِأَنَّ مِثْلَهُ فِي تَقَدُّمِهِ فِي الْعِلْمِ، وَمَكَانِهِ مِنْ أَمْرِهِ وَخِلْطَتِهِ بِخَاصَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا مِنْ أُمُورِهِ، فَجَعَلْنَا قَوْلَهُ حُجَّةً فِيهِ، قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ، فَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ الْمَاءِ، وَالْمَرْوِيُّ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِهِ إنَّمَا هُوَ

١ في الأشربة ص ١٦٨- ج٢.

1 / 146