Narrations of the Battle of Hunayn and the Siege of Taif
مرويات غزوة حنين وحصار الطائف
ناشر
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة النبوية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٢هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
أن بعض المصادر المتأخرة لم تخل من إضافات تخالف الواقع التاريخي للسيرة النبوية، وتخالف روح الإسلام ونصوص القرآن والسنة، ممّا جعل السبيل ممهدة أمام المستشرقين وغيرهم أن يشككوا في سيرة الرسول ﷺ.
وقد اشتملت كتب الشمائل والتواريخ المتأخرة عن عهود التدوين – إلاّ القليل النادر منها – على تهاويل كثيرة تذكر قبل مولد الرسول ﷺ زاعمين أنها إرهاصات١ لنبوته، وتذكر في أثناء مولده وبعد ولادته، وهي أخبار غريبة ومبالغات مرتجلة٢ لا أساس لها من الصحة يجب تنقية السيرة منها، وبيان زيفها، وقد تلقفها جمهور المسلمين وتناشدوها في حفلات الموالد وسجلوها في أشعار المديح والإطراء للرسول ﷺ، وكلها أخبار واهية، إما إسرائيليات وإما من نسج الخيال وإنشاء المداحين والقصاصين ومن على شاكلتهم، ولا شك أن مثل هذه الأساطير تفتح الباب أمام المغرضين من المستشرقين وأذنابهم لإنكار السيرة والحط منها والتشكيك في أحداثها الزاخرة، ومدلولاتها العظيمة، ومعطياتها المتعددة.
إن الباحث المعاصر حري به أن يرجع إلى نمط من المصادر الموثقة للنقاد المعتمدين في علوم الإسلام، مثل كتب الحديث وكتب الرجال وكتب التواريخ المسندة، ومن ثمّ دراسة النص التاريخي للسيرة دراسة نقدية جادّة وفق الأصول والقواعد العلمية المقررة، وهذا النوع من الدراسة هو الكفيل بوضع الحق في نصابه في حوادث السيرة النبوية ودمغ أباطيل المتزيدين والمستكثرين، ومن ثمّ إقناع كل من له إنصاف وعقل بتلك الصفات المشرقة من حياة المصطفى ﷺ.
إن المسلمين أحوج ما يكونون اليوم إلى معطيات سيرة نبيهم ﷺ في شتى مجالاتها المتنوعة. إن هذه السيرة النبوية حفظها الله للمسلمين ولم تحفظ سيرة نبي من الأنبياء كما حفظت سيرة نبينا ﷺ، ولازال الباحثون إلى اليوم وإلى قيام الساعة يتمكنون من بيان هذه السيرة ودراستها ونفي الكذب عنها كما نُفي من حديثه ﷺ رحمة من الله بهذه الأمة لتبقى لهم أعمال نبيهم وتطبيقاته وجميع تحركاته ونشاطاته المختلفة
_________
١ قال محمد بن علي التهاوني: (الإرهاص) شرعا: قسم من الخوارق، وهو الخارق الذي يظهر من النبي قبل البعثة، سمي به لأن الإرهاص في اللغة بناء البيت، فكأنه بناء بيت إثبات النبوة (كشاف اصطلاحات الفنون ٣/٤٥) .
٢ في (القاموس المحيط ٣/٣٨٢): ارتجل الكلام: تكلم به من غير أن يهيئه، وبرأيه انفرد.
1 / 12