نقد کتاب اسلام و اصول حکم
نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم
اصناف
أخذ المؤلف ما قرره ابن خلدون في سنة قيام الملك، وأجراه على مشروع الخلافة، فقال في ص25: «لا نشك مطلقا في أن الغلبة كانت دائما عماد الخلافة، ولا يذكر لنا التاريخ خليفة إلا اقترن في أذهاننا بتلك الرهبة المسلحة التي تحوطه، والقوة القاهرة التي تظله، والسيوف المصلتة التي تذود عنه، ولولا أن نرتكب شططا في القول لعرضنا على القارئ سلسلة الخلافة إلى وقتنا هذا؛ ليرى على كل حلقة من حلقاتها طابع القهر والغلبة.»
تناول المؤلف ما قرره ابن خلدون وبسط القول في تعليله من أن الملك لا يحصل إلا بالتغلب، وأخذ يضرب به قوله: إن الخلافة راجعة إلى اختيار أهل الحل والعقد.
لا شك أن الفيلسوف ابن خلدون لا يرى تعارضا بين مقالتيه؛ لأنه يفرق بين الخلافة والملك، وإن شئت تحقيق هذا البحث على وجه شرعي اجتماعي؛ فإليك التحقيق:
عرف الإسلام أن في الناس طبيعة التعصب للقومية، وأن هذه الطبيعة كثيرا ما تطغى فتحمل صاحبها على التحيز لأخيه في القومية، والوقوف في صف أنصاره وإن كان مبطلا.
عرف الإسلام ذلك فقرر مبادئ الأخوة والمساواة، وأتى بما يهذب تلك الطبيعة ويقيم أودها؛ حتى لا تخف بالقبيلة إلى معاضدة أخيها إذا نهض لإرغام حق أو إقامة منكر.
قد يأذن الإسلام للرجل أن يؤثر بمعروفه أو مساعدته ابن عشيرته، أما عند تدبير مصلحة عامة أو تقرير حقوق مشتركة فيقطع النظر عن كل صلة، ولا يقيم لأي عاطفة وزنا، إلا ما تقتضيه المصلحة، وتشير به القوانين العادلة، والآراء الراجحة. ولمثل هذا وكل تعيين الخلافة إلى اختيار أهل الحل والعقد، وجعل المسلمين في هذا الحق عصبة واحدة.
ليس من المتعذر على المسلمين أن يسيروا على هذه الخطة إذا لم يكن في ذي العصبية القوية من الكفاية ما يتحقق في غيره من ذوي العصبيات الواهنة، ومن المحتوم عليهم أن يختاروا ما فيه المقدرة الكافية، ويكونوا حوله قوة تنهزم أمامها كل عصبية قومية.
فإن كان ذو العصبية التي هي أشد وأقوى كافيا لهذا المنصب؛ فللمسلمين أن يعدوا ما يحوزه من هذه القوة الطبيعية ميزة يرجح بها على غيره المماثل له في سائر شروط الخلافة. وهذا ما بنى عليه ابن خلدون فهمه لحديث: «الأئمة من قريش.» ورأى أن نسب القرشية في الحديث إنما يرمي إلى ما يحقق شرط الكفاية والقدرة على القيام بأعباء الخلافة؛ وهو قوة الحامية. وقد اختصت قريش لذلك العهد من بين سائر القبائل بقوة العصبية وشدة المراس، وذكر أن من القائلين بنفي اشتراط القرشية في الخلافة القاضي أبا بكر الباقلاني؛ حيث أدرك ما آلت إليه عصبية قريش من التلاشي والاضمحلال، واستبداد ملوك العجم على الخلفاء.
36
فالحق أن ما قرره ابن خلدون من أن الملك لا يحصل إلا بالقهر والغلبة لا يجري في الخلافة؛ فإنها قامت في عهد الخلفاء الراشدين على البيعة الاختيارية، والمؤلف نفسه تعاصت عليه الأدلة وخانته الشبه فلم يستطع أن يأتي بدليل أو شبهة على أن الخلافة في سائر أطوارها لم تقم إلا على القهر والغلبة. •••
نامعلوم صفحہ