نکبات
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
اصناف
وهل يا ترى في سلاطين آل عثمان سلطان صالح؟ قد تعرفت أيها القارئ إلى السلطان سليم الأول، وسأعرفك إلى بضعة من خلفائه، الذين يبزون فيما فطروا عليه حتى عبد الحميد الثاني.
خلف السلطان سليم ابنه سليمان السلطان القانوني - القانوني بالقتل، فقد كان كأبيه سفاحا، قتل ابنه الأكبر وحفيده وابنه بايزيد وأولاده الخمسة، فلا عجب إذا كان يقتل كذلك وزيرا فاضلا حال دون تنفيذ ذلك الأمر «القانوني»، بقتل أهل حلب أجمعين؛ لأن جماعة منهم ثاروا على الحكم العثماني.
وهاكم سليم الثاني السلطان السكير الفاسق، «له من أعمال الخلاعة ما يخجل منها»، وقد خنق أرباب القصر عند وفاته، أولاده الخمسة ليمحوا نسله، فكان عملهم ذاك من باب التشذيب الذي يزيد الشجرة قوة ونموا.
وهاكم السلطان مراد الثالث الذي قتل إخوته الأربعة عندما تولى الملك، وهو الذي حارب الموارنة في لبنان ليرضي طائفة الروم التي شكت إليه ظلاماتهم، فوسع ثلمة الشقاق السياسي الديني في الجبل.
وهذا محمد الثالث الذي قتل يوم جلوسه على العرش تسعة عشر أخا له، وعشر جوار حاملات من أبيه، «وكان مع ذلك صالحا عابدا، ساعيا في إقامة الشعائر الدينية»!
وهاكم مصطفى الأول السلطان الأبله، يخلعه مراد الرابع السلطان السفاح الذي كان كأسلافه منهمكا في شهواته ولذاته، ولكنه بزهم جميعا بالقتل. قيل إنه قتل مائة ألف إنسان ؛ منهم خمسة وعشرون ألفا قتلهم بنفسه، أو شاهد قتلهم بأم عينه.
وهذا السلطان إبراهيم الفاجر المعتوه، الذي هلك في الثامنة والعشرين من عمره، شهيد الغواني والكئوس. إن عهده لعهد الجواري والأغوات. قيل إنه كان ينكح كل يوم بكرا، ويقتل كل من يخالف له رأيا، أو يأبى أن يرسل إليه ابنة حسناء يسمع بها.
وقد أمر السلطان إبراهيم مرة بقتل جميع المسيحيين في السلطنة، فقال شيخ الإسلام معارضا: «إن في قتلهم تنقص واردات الملك!» فاقتنع وامتنع. •••
إننا نقف رفقا بالقارئ عند إبراهيم، فنفسح مجالا لبعض الحوادث المتعلقة بهذه الديار البائسة المشئومة.
ما اهتم سلاطين آل عثمان في بلاد الشام لغير ما اهتم له الخلفاء العباسيون؛ أي لضرب السكة والخطبة والخراج. السكة باسمنا، والخطبة والخراج لنا، ولكم بعد ذلك ما تشاءون. فهل يستغرب الخروج على مثل هذا الحكم؟ إنما يستغرب أن يقبله الناس سنة واحدة، ناهيك بمائة سنة.
نامعلوم صفحہ