212

فصل في أن المخالفين يلزمهم أن يضعوا وقتا قبل وقت بلا نهاية وزمانا ممتدا في الماضي بلا نهاية وهو بيان جدلي إذا استقصى مال إلى البرهان

وهؤلاء المعطلة الذين عطلوا الله تعالى عن وجوده لا يخلو أمرهم إما أن يسلموا أن الله عز وجل كان قادرا قبل أن يخلق الخلق أن يخلق جسما ذا حركات تقدر أوقاته وأزمنته ينتهي إلى وقت وأزمنة محدودة أو لم يكن الخالق قادرا أن يبتدئ الخلق الآخر إلا حين ابتدأ - وهذا القسم الثاني محال يوجب انتقال الخالق من العجز إلى القدرة أو انتقال المخلوقات من الامتناع إلى الامكان بلا علة والقسم الأول يقسم عليهم قسمين فيقال لا يخلو إما أن يكون كان يمكن أن يخلق الخالق جسما غير ذلك الجسم إنما ينتهي إلى خلق العالم بمدة وحركات أكثر أو أقل أولا يمكن ومحال أنه لا يمكن لما بيناه فإن أمكن فإما أن يكون خلقه مع خلق ذلك الجسم الأول الذي ذكرناه قبل هذا الجسم أو إنما يمكن قبله فإن فرض إمكانه فهو محال فإنه لا يمكن أن يكون ابتداء خلقين متساويي الحركة في السرعة يقع بحيث ينتهيان إلى خلق العالم ومدة أحدهما أطول وإن لم يكن معه بل كان إمكانه مباينا له متقدما عليه أو متأخرا عنه يقدر في حال العدم إمكان خلق شيء بصفته ولا إمكانه وذلك في حال دون حال ووقع ذلك متقدما أو متأخرا ثم ذلك إلى غير نهاية فقد وضح ما قدمناه من وجود حركة لا بدأ لها في الزمان إنما البدأ لها من جهة الخالق وإنما هي السماوية.

صفحہ 212