تختلف بحسب تقابل أضلاع السطح أو بحسب تقابل السطوح فالكلام في أن الجهات تكون مختلفة بالعدد لا بالنوع ثابت فإن قال قائل إن الذي على البسيط يخالف الذي على الخط أو الذي على الخط يخالف الذي على النقطة فيكون قد قال ما لا يصغي إليه ولا يقع بسببه بين الجهات غاية الخلاف الذي هو واقع في مثل العلو والسفل وكذلك الحال إن فرضت الحدود في عمقه وإن فرض حد في سطحه وآخر في عمقه وجب ذلك بعينه إلا أن يجعل السطح نفسه حدا وحينئذ يجب أن يجعل الحد الآخر ما يرتسم بإزاء السطح ضرورة لا أي نقطة اتفقت بالغرض في العمق وأن يكون مع ذلك في غاية البعد عنه وهذا هو المركز لا غير خصوصا إن جعل الجسم على الشكل الطبيعي الذي يخصه وهو الاستدارة فليس يمكن أن يفرض في الوجود جسم واحد ويكون فيه من الجهات غير جهتي المحيط والمركز - وأما إن كانت الأجسام كثيرة فإن كانت متفقة النوع فليس يجوز أن تكون الحدود المفترضة عليها بحيث يوجد فيها حدود الجهات المتضادة وذلك ظاهر وإن كانت مختلفة فليس يمكن أن تكون علة اختلاف الجهات هو اختلافها في النوع - وذلك لأن هذا يوجب أن يكون عدد الجهات على حسب عدد الأجسام المختلفة بالنوع فإن جعل العلة في ذلك لا الاختلاف المطلق ولكن اختلاف ما بعينه فلا يخلو إما أن يكون ذلك الاختلاف مقتصرا على اختلاف تلك الطبيعتين أو يكون مع ذلك مشتملا على اختلاف الوضعين والاقتصار على اختلاف طبيعتين فأعيانهما لا يجوز أن يكون علة لتضاد الجهات لأن إحدى الجهتين إذا تعينت تعينت الأخرى وكانت على بعد محدود ولم يكن أن تتوهم زائلة عن حدها وإذا كان الشرط مخالفة تينك الطبيعتين دون الوضعين كانت الجهتان الاثنتان متضادتين كيف كان وضع أحدهما من الآخر وبعده منها وكانت الجهة تنتقل بانتقال أحد الجسمين وليس الأمر كذلك بل إذا تعينت إحدى الجهتين تعينت الأخرى في حدها وبعدها ولم تنتقل البتة فبقي أنه يجب أن يكون في جملة الشرط وضع ما محدود وبعد مقدر وليس يمكن أن يكون هذا أيضا إلا على سبيل المركز والمحيط - وذلك لأن أحد الجرمين إذا فرض له وضع وفرض الآخر بجانب منه غير محيط به لم يكن اختصاصه بذلك الجانب بعينه بالعدد اختصاصا لطبيعته لا تخلو إما أن تكون تطلب ذلك الجانب بعينه أو تطلب أي جانب يكون بعده من الآخر ذلك البعد ونوعه منه ذلك النوع فإن كانت طبيعته تختص بذلك الجانب وتباين سائر ما يشاركه في النوع فتكون هذه الجهة مباينة لسائر الجوانب لذاتها لا من جهة هذا الجسم لأنها لو كانت من جهة هذا
صفحہ 109