Nahu Thaqafa Islamiyya Asila
نحو ثقافة إسلامية أصيلة
ناشر
دار النفائس للنشر والتوزيع
ایڈیشن
الرابعة
اشاعت کا سال
١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
پبلشر کا مقام
عمان - الأردن
اصناف
المسلمين، والذين يقولون إن الإسلام براء من ذلك قالوا بغير علم، فالله شرع الأحكام التي تنظم المجتمع الإسلامي، وطالب المسلمين بتنفيذ هذه الأحكام، ومعاقبة المتمردين على تلك الأحكام، بإقامة الحدود، والقصاص من المعتدين، وكل ذلك يحتاج إلى سلطة سياسية، وقد كانت هذه السلطة متمثلة في الرسول ﷺ في حياته، ولذلك خاطبه ربه قائلا: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَينَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيكَ﴾ [سورة المائدة: ٤٩].
وانتقلت هذه السلطة إلى الخلفاء الراشدين من بعد الرسول ﷺ وقد أوجب الله طاعة من تولى أمر المسلمين بقوله: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [سورة النساء: ٥٩].
وبلغ من اهتمام المسلمين بالقضية أن بايعوا الخليفة قبل دفنهم للرسول ﷺ، وحذر الرسول ﷺ الذين يخرجون عن طاعة الخليفة أو الذين لا يعنون بإقامة الحكم الإسلامي تحذيرًا شديدًا حيث يقول: "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية".
والمسألة في غاية الوضوح عند علماء الأمَّة في القديم والحديث، والإجماع منعقد عند علماء الأمة على وجوب إقامة الحكومة الإسلامية الملتزمة بحكم الله، يقول ابن حزم: "اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة، وجميع الشيعة، وجميع الخوارج على وجوب الإمامة، وأن الأمة عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيها أحكام الله، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي جاء بها رسول الله ﷺ " (١) ويقول ابن خلدون: "إن نصيب الإمام واجب، قد عرف وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين، لأن أصحاب رسول الله ﷺ عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي
(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل: ٤/ ٨٧.
1 / 324