============================================================
تلك الجزائر من الأجساد على ساحل البحر كالجزائر، وكيف قتلت الرجال، واستخدمت الأولاد، وتملكت الحرائر، وكيف قطعت الأشجار، ولم نترك إلا ما يصلح لأعواد المناجيق إن شاء الله والستائر، وكيف نهبت لك ولرعيتك الأموال والمواشى، وكيف استغنى الفقير وتأهل العازب، واستخدم الخديم وركب الماشي: هذا، وأنت تنظر نظر المغشى عليه من الموت، وإذا سمعت صوتا قلت فزعأ: علي هذا الصوات! وكيف رحلنا من عندك رحيل من يعود، وأخرناك وما كان تأخيرك إلا إلى أجل معلوم معدود، وكيف فارقنا بلادك ولا بقيت بها ماشية إلا وهي لدينا ماشية، ولا جارية إلا وهي لدينا جارية، ولا سارية إلا وهي فى أيدى المعاول سارية، ولا زرع الا وهو محصود ولا موجود إلا وهو مفقود.
وما منعت تلك المغائر التي هي (فى)(1) رؤوس الجبال الشاهقة، ولا تلك الأودية التي هي فى التخوم مخترقة وللعقول خارقة، وكيف سقنا عنك ولم يسبقنا إلى مدينتك أنطاكية حخبر، وكيف وصلنا إليها وأنت لا تصدق أنا نبعد عنك، وإن بعدنا فسنعود على [130] الأثر: وها نحن نعلمك بماتم، ونفهمك بالبلاء الذي عليك قد عم: رحلنا عنك من طرابلس يوم الأربعاء، رابع وعشرين شعبان، ونزلنا أنطاكية فى مستهل رمضان، وفى حالة النزول خرجت عساكرك إلى المبارزة فكسروا، وتناصروا فما نصروا، وأسر من بينهم كند اصطبل (2)، فسأل فى مراجعة أقرانك، ودخل إلى المدينة وخرج هو وجماعة من رهبانك وأعيان أعيانك، فتحدثوا معنا، فرآيناهم علىى آرائك من إتلاف التفوس بالغرض الفاسد، وأن رأيهم فى الخير مختلف، وقولهم فى الشرواحد.
فلما رآيناهم قد فات فيهم الفوت، وأنهم قد قدر الله عليهم بالموت رددناهم وقلنا: (1) مزيد لاستقامة المتن (2) فى الأصل: "كند اسطبل".
114
صفحہ 164