بأي الحالتين عليك أثني ... فإني عند منصرفي لمسئول
أبا لحسني وليس لها دليل ... عليّ فمن يصدق ما اقول
أم الأخرى ولست لها حليفًا ... وأنت لكل مكرمة فعول
قال فلما قرأ ذلك معن دعا به فاعتذر إليه وأمر له بعشرة آلاف درهم.
حكاية: قيل إن الحجاج خطب يومًا وأطال فقام رجل من القوم، وقال الصلاة يا حجاج فإن الوقت لا ينتظرك والرب لا يعذرك فأمر بحبسه فأتاه قومه وزعموا أنه مجنون وسألوه أن يخلي سبيله، فقال إن أقرّ بالجنون خليته فقيل له، فقال معاذ الله لا أقول إن الله ابتلاني وقد عافاني فبلغ ذلك الحجاج فعفا عنه لصدقه ولله در من قال:
عليك بالصدق ولو أنه ... أحرقك الصدق بنار الوعيد
وأبغ رضا الله فأغبى الورى ... من أسخط المولى وأرضى العبيد
ويقال الصدق عمود الدين وركن الأدب وأصل المودة ولا تتم هذه الثلاثة إلا به وقال النبي ﷺ إيّاكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وعليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة، وقال بعض الحكماء من قلّ صدقه قل صديقه، وقال بعضهم لو صوّر الصدق لكان أسدًا ولو صوّر الكذب لكان ثعلبًا.
حكاية: قال الأصمعي رأيت سعدون المجنون جالسًا عند رأس شيخ سكران يذب عنه الذباب، فقلت له ما لي أراك جالسًا عند رأس هذا الشيخ؟ قال إنه مجنون فقلت له أنت المجنون أم هو؟ قال بل هو. قلت من أين؟ قال لأني صليت الظهر والعصر في جماعة وهو لم يصلّ جماعة ولا فرادى، فلت وهل في ذلك قلت شيئًا؟ قال نعم:
تركت النبيذ لأهل النبيذ ... وأصبحت أشرب ماء قراحا
رأيت النبيذ يذل العزيز ... ويذرى الوجوه الملاح الصباحا
فإن كان ذا جائز للشباب ... فما العذر فيه إذا الشيب لاحا
فقلت له صدقت وانصرفت.
حكاية: قيل عن زبيدة لامت الرشيد على حبه للمأمون دون ولدها الأمين، فقال لها الآن أريك عذري فدعا ولدها محمد الأمين، وكانت عنده مساويك، فقال له يا محمد ما هذه؟ فقال له مساويك ودعا المأمون وقال له ما هذه يا عبد الله؟ فقال ضدّ محاسنك يا أمير المؤمنين، فقالت زبيدة الآن بان لي
1 / 61