مطر فاشتغلوا عنه، فلما كان آخر الليل انقشع السحاب وطلع القمر اشتاقت الجارية فخرجت تريده ومعها صاحبة لها من الحي كانت تثق بها فنظر الفتى إليهما فظن أنهما ممن يطلبه فرمى فلم يخط قلب الجارية فوقعت ميتة فصاحت الأخرى وانحدر الفتى من الجابل فإذا الجارية ميتة والأخرى على رأسها فبكى بكاء الثكلى وقال:
اختلست ريحانتي من يدي ... يا عين أجرى الدمع لا تجمد
كانت هي الأنس إذا ... استوحشت نفسي من الأقرب والأبعد
وروضة كانت بها مرتعي ... ومنهلًا كان به موردي
كانت يدي كانت بها قوتي ... فاختلس الدهر يدي من يدي
وقالت صاحبتها الواقفة على رأسها:
نعب الغراب بما كرهت ولا إزالة للقدر
تبكي وأنت قتلتها فاصبر وإلا فانتحر
ثم ضرب الفتى نفسه بسكين كان معه فمات فجاءت أهل الحي وهما ميتان فدفنوهما في قبر واحد.
حكاية: قيل اصطحب أسد وثعلب وذئب فخرجوا يصيدون فصادوا حمارًا وظبيًا وأرنبًا، فقال الأسد للذئب اقسم بيننا صيدنا فقال الحمار لك والأرنب للثعلب والظبي لي فخلبه الأسد فأخرج عينه، فقال الثعلب قاتله الله ما أجهله بالقسمة، فقال الأسد هات أنت يا أبا معاوية فاقسم، فقال يا أبا الحارث الأمر أوضح من ذلك، الحمار لغدائك، والظبي لعشائك، وتخلل بالأرنب فيما بين ذلك، فقال الأسد قاتلك الله ما أقضاك من أين تعلمت هذا قال من عين الذئب.
حكاية: قيل اجتمع السراج الوراق مع أبي الحسن الجزار وابن الفقيسي فمرت بهم جارية بديعة الجمال فقال السراج:
شمائلها تدل على اللطافة ... وريقتها أرقّ من السلافة
وقال أبو الحسين الجزار:
وفي وجناتها ورد ولكن ... عقارب صدغها منعت خطافه
قال ابن الفقيسي:
فلو أعطوا الخلافة ذو جمال ... لحق لها بأن تعطى الخلافة
1 / 54