فقلت لا أفعل، فما زالا يزيداني وأنا لا أرضى إلى أن قالا ثلاثمائة ألف درهم ولا زيادة عندنا على هذا فقلت حتى أشاور أبا خالد قالا ذلك لك فرجعت إليه وأخبرته فدعا بهما، وقال هل وافقتماه على ما ذكر؟ قالا نعم، قال اذهبا فسلما إليه المال الساعة ثم قال لي أصلح أمرك وتهيأ فقد قلدتك العمل فأصلحت شأني وقلدني ما وعدني فما زلت في زيادة حتى صار من أمري ما صار، ثم قال لولده الفضل يا بنيّ فما تقولوا في ابن من فعل مع أبيك هذا الفعل فما جزاؤه؟ قال لعمري ما أجد له جزاء غير أن أعزل نفسي وأوليه ففعل ذلك.
حكاية: قيل خرج هارون الرشيد متنكرًا إلى بعض الفرج فوجد صبيانًا يلعبون وفيهم غلام
دميم ضعيف البدن قاعد يحفظ ثيابهم، وهو يقلب ثوبًا ثوبًا وينشد شعرًا ويقول:
قولي لطيفك ينثني ... عن مقلتي عند الهجوع
كيما أنام فتنطفي ... نار توقد في ضلوعي
أما أنا فكما عهدت ... فهل لوصلك من رجوع
دنف تقبله الأكف ... على فراش من دموع
قال فتعجب الرشيد من قوله مع صغر سنه وشرع يؤانسه ويحادثه ويقول لمن هذا الشعر والغلام يصد عنه ثم اعترف أنه شعره فعظم ذلك عند الرشيد فقال له إن كان شعرك حقًا كما زعمت فابق المعنى وغير القافية فأنشد في الحال وقال:
قولي لطيفك ينثني ... عن مقلتي عند المنام
كيما أنام فتنطفي ... نار توقد في عظامي
أما أنا فكما عهدت ... فهل لوصلك من دوام
دنف تقبله الأكف ... على فراش من سقام
فتعجب الرشيد وقال له أحسنت إلا أن هذا محفوظ معك قال فامتحن قال فغير القافية واترك المعنى فأنشد في الحال وقال:
قولي لطيفك ينثني ... عن مقلتي عند الرقاد
كيما أنام فتنطفي ... نار توقد في فؤادي
أما أنا فكما عهدت ... فهل لوصلك من نفاد
دنف تقبله الأكف ... على فراش من قتاد
فقال الرشيد: أخبرني من أنت؟ فأخذ ثياب الصبيان على رأسه وصاح قاق قاق فعلم الرشيد أنه ديك الجن.
حكاية: قيل إن بهرام الملك خرج يومًا للصيد فانفرد ورأى صيدًا فتبعه طامعًا في لحاقه حتى بعد عن أصحابه فنظر إلى راع تحت شجرة فنزل عن
1 / 34