حكاية: عن أبي الحسن بن أدين البصير النحوي رحمه الله تعالى قال حضرت مع والدي مجلس كافور الإخشيدي وهو غاص بالناس فدخل إليه رجل وقال في دعائه أدام الله أيام سيدنا فكسر الميم من الأيام وفطن بذلك جماعة من الحاضرين أحدهم صاحب المجلس حتى شاع ذلك فقام من أوساط الناس رجل فأنشأ يقول شعرا:
لا غرو أن لحن الداعي لسيدنا ... أو غصّ من دهش بالريق أو بهر
فمثل هيبته حالت جلالتها ... بين الأديب وبين القول بالحصر
إن يكن حفظ الأيام عن غلط ... في موضع النصب لا عن قلة البصر
قد تفاءلت من هذا لسيدنا ... لفأل ماثورة عن سيد البشر
أن أيامه خفض بلا نصبٍ ... إن أوقاته صفو بلا كدر
حكاية: عن عبد السلام بن الحسين البصري رحمه الله تعالى قال قصد الحسن بن سهل يوما قتنافس الناس إليه في الهدايا وكان رجلًا من أهل الأدب من الكتاب قعد به الزمان فقال لأهله قد تنافس الناس إلى هذا الرجل في الهدايا ولو جمعت جميع ما تحوي عليه يدي ما بلغ ألف دينار ولكن سأتلطف له في الهدية فعمد إلى أشنان وملح مطيب فجعلهما في جوفة وختمها وكتب إليه والله يا سيدي لو كانت الجدة على قدر الهمة لكنت أحد المتنافسين في برك المسارعين إلى ودك لكن الجدة قعدت بالهمة فقصرت عن مساواة أهل النعمة وخشيت أن تطوى صحيفة البر وليس لي فيها ذكر فوجهت إليك أعزك الله تعالى شيئًا حقيرًا وصبرت على ألم العجز والتقصير وكان المعبر عني قول الله ﷿: (ليسَ على الضعفاءِ ولا على المرضى ولا على الذينَ لا يجدونَ ما ينفقونَ حرجٌ إذا نصحُوا للهِ ورسولِه ما على المحسنينَ من سبيلٍ واللهُ غفورٌ رحيمٌ) وكتب في أسفلها شعر:
نافس في الهدية كل قوم ... إليك غداة فصد الباسليق
لم أر كالدعاء أعم نفعًا ... بلغ في مكافأة الصديق
وجهت الدعاء وقلت ربي ... قيك شرور آفات العروق
فكتب إليه الحسن بن سهل والله يا سيدي ما وردت إلي هدية أحسن من هديتك ولا تحفة أجمل من تحفتك وقد بعثت إليك بألف دينار لتصرفها في مهماتك وأخذ الرقعة ودخل بها على المتوكل فلما قرأها عليه قال له لا أم لك كم حملت إلى هذا الرجل
1 / 14