153

نفخ الطیب

نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب

تحقیق کنندہ

إحسان عباس

ناشر

دار صادر-بيروت

پبلشر کا مقام

لبنان ص. ب ١٠

تخففًا منهم لإمحالٍ توالى على أهل مملكته، وتردد عليهم حتى كاد يفنيهم، فحمل منهم خلقًا في السفن مع قائدٍ من قبله يدعى أبطريقس فأرسوا بريف الأندلس الغربي، واحتلوا بجزيرة قادس، فأصابوا الأندلس قد أمطرت وأخصبت، فجرت أنهارها، وانفجرت عيونها، وحييت أشجارها، فنزلوا الأندلس مغتبطين، وسكنوها معتمرين، وتوالدوا فيها فكثروا واستوسعوا في عمارة الأرض ما بين الساحل الذي أرسوا فيه بغربيها إلى بلد الإفرنجة من شرقيها، ونصّبوا من أنفسهم ملوكًا عليهم ضبطوا أمرهم وتوالوا على إقامة دولتهم، وهم - مع ذلك - على ديانة من قبلهم من الجاهلية، وكانت دار مملكتهم طالقة الخراب اليوم من أرض إشبيلية اخترعها ملوكهم وسكنوها، فاتسق ملكهم بالأندلس مائة وسبعة وخمسين عامًا إلى أن أهلكهم الله تعالى، ونسخهم بعجم رومة، بعد أن ملك من هؤلاء الأفارقة في مدّتهم تلك أحد عشر ملكًا. ثم صار ملك الأندلس بعدهم إلى عجم رومة وملكهم إشبان (١) بن طيطش، وباسمه سميت الأندلس إشبانية، وذكر بعضهم أن اسمه أصبهان فأحيل بلسان العجم، وقيل: بل كان مولده بأصبهان فغلب اسمها عليه، وهو الذي بنى إشبيلية، وكان إشبانية اسمًا خالصًا لبلد إشبيلية الذي كان ينزله إشبان (٢) هذا، ثم غلب الاسم بعده على الأندلس كلّه، فالعجم إلى الآن يسمونه إشبانية لآثار إشبان هذا فيه، وكان أحد الملوك الذين ملكوا أقطار الدّنيا فيما زعموا، وكان غزا الأفارقة عندما سلّطه الله عليهم في جموعه، ففض عساكرهم، وأثخن فيهم، ونزل عليهم بقاعدتهم طالقة وقد تحصنوا فيها منه، فابتنى عليهم مدينة إشبيلية اليوم، واتصل حصره وقتاله لهم حتى فتحها

(١) ق: إلى أشبان.
(٢) لفظة إسبانيا (Hispania) أقدم اسم أطلق على شبه الجزيرة الأيبرية، وبعضهم يرده إلى أصل فينيقي معناه " ساحل الأرانب البرية " ثم قيل إن ذلك نسبة إلى اشبان (Sphan) وتحرفت الكلمة إلى أصبهان، ومن صيغ الاسم أيضًا (Hispalia) وعرب إلى إشبيلية.

1 / 134