نفائس تاویل

Al-Sharif al-Murtada d. 436 AH
77

الجهات ؛ لأنه من المحال أن تخلو الصلاة من توجه إلى جهة من الجهات. فإن كانت نسخت بضدها ، كنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالكعبة ، فلا شبهة في نسخ الصلاة ، ألا ترى أنه بعد هذا النسخ لو أوقع الصلاة إلى بيت المقدس على حد ما كان يفعله من قبل ، لكان لا حكم له ، بل وجوده في الشرع كعدمه. وإن كانت القبلة نسخت ، فإن حظر عليه التوجه إلى الجهة المخصوصة التي كان يصلي إليها ، وخير فيما عداها ، فهذا أيضا يقتضي نسخ الصلاة ؛ لأنه لو أوقعها على الحد الذي كان يفعلها عليه من قبل ، لكانت غير مجزية ، فصارت منسوخة على ما اعتبرناه. وإن نسخ وجوب التوجه إلى القبلة بأن خير في جميع الجهات لم يكن ذلك نسخا للصلاة ، ألا ترى أنه لو فعلها على الحد الذي كان يفعلها عليه من قبل لكانت صحيحة مجزية ، وإنما نسخ التضييق بالتخيير.

فأما صوم شهر رمضان فلا يجوز أن يكون ناسخا لصوم عاشوراء ؛ لأن الحكمين إنما يصح أن يتناسخا إذا لم يمكن اجتماعهما ، وصوم شهر رمضان يجوز أن يجتمع مع صوم عاشوراء ، فكيف يكون ناسخا له. ومعنى هذا القول أن عند سقوط وجوب صيام عاشوراء أمر بصيام شهر رمضان.

[الثاني عشر] : فصل في جواز نسخ الكتاب بالكتاب

* والسنة بالسنة

إعلم أن كل دليل أوجب العلم والعمل فجائز النسخ به ، وهذا حكم الكتاب مع الكتاب ، والسنة المقطوع بها مع السنة المقطوع بها فلا خلاف في ذلك.

وإنما الخلاف في نسخ الكتاب بالسنة المقطوع بها ، ونسخ السنة بالكتاب ، وسيأتي الكلام على ذلك بإذن الله تعالى.

فأما السنة التي لا يقطع بها ؛ فالكلام في نسخ بعضها ببعض مبني على وجوب العمل بأخبار الآحاد : فمن عمل بها في الشريعة ، نسخ بعضها ببعض.

صفحہ 195