159

الحقير الصغير [بطريق] أولى ، ومن عادة العرب إذا أرادوا العظيم والمبالغة أن يعلقوا الكلام بأعظم الأمور وأظهرها ، ويكتفون بذلك عن ذكر غيره شمولا أو عمومه (1).

ألا ترى أنهم إذا أرادوا أن يصفوا رجلا بالجود ويبالغوا في ذلك ، قالوا : هو واهب الألوف والقناطير ، ولم يفتقروا أن يقولوا : هو واهب الدوانيق والقراريط ؛ للاستغناء عنه ولدلالة الكلام عليه؟

** ووجه آخر

قال تعالى : ( سرابيل تقيكم الحر ) (2) فحذف اختصارا.

وهذا الجواب يضعف وإن كان قوم من المفسرين قد اعتمدوه في هذا الموضع ؛ لأن الحذف إنما يحتاج إليه عند الضرورة بتعذر التأويل ، فأما مع إمكانه وتسبله (3) فلا وجه لذكر الحذف.

والمثال الذي مثلوا به غير صحيح ؛ لأن قوله تعالى : ( سرابيل تقيكم الحر ) ما يرد (4) والبرد ، ثم حذفه ، بل الوجه فيه أنه خاطب قوما لا يمسهم إلا الحر ، ولا مجال للبرد عليهم ؛ لأن بلادهم يقتضي ذلك ، فنفى الأذى الذي يعتادونه (5).

ويمكن أن يكون إرادة نفي الامرين ، فدل على نفي أضعفهما ، كما ذكرناه قبل.

مسألة : فإن قيل : فما الوجه في قوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وما الفائدة في هذا التكرار؟ ويغني أن يقول : إياك نعبد ونستعين.

** الجواب :

قلنا : قد قيل في ذلك : إن الكناية لو تأخرت عن القائل فيها لتكررت ،

صفحہ 277