نعم إن ذنبهم العظيم هو أنهم لم يستفيدوا من عقولهم وعطلوها عن النهوض بمهامها ، ولم يصغوا لقول الحق وبهذا أغلقوا أبواب المعرفة والعلم ، وفتحوا أبواب جهنم ليدخلوها داخرين.
إن سياق الآية الثانية التي تنسب الإثم إلى أصحاب السعير وهم يعترفون بأن مصيرهم ما كان هذا لو أنهم استفادوا من عقولهم ، وهذا الاعتراف الكاشف عن الندم ، دليل على أن سلوكهم لهذا الطريق كان باختيارهم ، وإذا زعم بعض المفسرين كالفخر الرازي عند تفسيره للآية الاولى أنها دليل على الجبر ، فإن الثانية تنفي مزاعمه وتصلح لأن تكون مفسرة للاولى لأن «القرآن يفسر بعضه بعضا».
وعلى أية حال فإن العلاقة بين «جهنم» و «الجهل» لاجدال فيها في القرآن وسوف تتضح في الأبحاث القادمة أكثر (1).
** 27 الجهل مصدر انحطاط البشر
( إن شر الدوآب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون ). (الأنفال / 22)
إن هذه الآية والتي قبلها تشيران إلى موضوع واحد لكن الأخيرة تشير له صراحة والسابقة تلميحا ، والموضوع هو : إن الإنسان متى ما ترك الاستعانة بوسائل المعرفة التي منحها الله له فانه سينحط ويسقط إلى مستوى يجعله أضل من جميع الدواب التي على وجه الأرض ، ولم لا يكون كذلك من بإمكانه أن يصل إلى أعلى عليين في جوار رب العالمين ، وأن يصل إلى مقام «لا يرى به إلا الله» ، ولكن بتركه جميع المواهب والمنح الإلهية فإنه سيسقط إلى أسفل سافلين.
إضافة إلى هذا ، فإن الإنسان الذي لا يسير في جادة الخير والهداية ، فانه ربما يستخدم تلقائيا جميع المواهب والقابليات الإلهية في طريق الشر ، وسيرتكب جرائم مفجعة ويخترع
صفحہ 61