وكذا في الفارسية كناية عن شدة التأسف والانزجار ، وقد شوهد أن كثيرا من الناس إذا ما واجهوا مصيبة عظيمة ناشئة عن سوء عملهم وجهلهم عضوا على أيديهم أو أصابعهم أو ظاهر أكفهم ، وكأنهم يريدون عقاب أيديهم لأجل قيامها بهذا العمل.
إلا أن المصيبة إذا لم تكن شديدة جدا اكتفوا بعض أناملهم كما قال القرآن حاكيا حال الكفار في الآية 119 سورة آل عمران : ( واذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ )، أو اكتفوا بعض ظهر احدى اليدين ، أما اذا كانت المصيبة شديدة جدا فتارة يعضون أيديهم اليسرى واخرى أيديهم اليمنى ، والذي جاء في الآية الكريمة هو «يديه» وهذا يكشف عن أن المصيبة عظيمة للغاية يوم القيامة ، وغالبا ما يقترن العض بالتفوه بجمل وأقاويل مفهومها التوبيخ للنفس ، ويتحد حينها الكلام مع السلوك في ابراز الغضب.
ويقولون عندها : ( ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا* يا ويلتى ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا* لقد أضلنى عن الذكر بعد اذ جاءنى ) إلاأن هذا الخليل ما سمح لهم باليقظة.
وعلى هذا ، فهم يعدون الخليل الضال هو السبب الأساسي لشقائهم ، حيث جعل حجابا أمام أفكارهم وعقولهم حال دون رؤيتهم لجمال الحق.
وهنا أقوال في المراد من «فلان» :
احتمل البعض أنه الشيطان ، حيث ينتخبه الإنسان أحيانا خليلا ، وذلك بقرينة قوله في ذيل الآية : ( وكان الشيطان للإنسان خذولا ).
ويقول البعض : إن المراد منه هو نفس الشخص الذي نزلت في شأنه الآية ، أي «عقبة» وهو أحد الكفار المعروفين ، أسلم وارتد عن الإسلام وتخلى عن الرسول لأجل خليله «أبي» ، وقتل في معركة بدر ، بينما قتل أبي في معركة أحد (1).
لكن الظاهر أن مفهوم الآية كما يقول البعض كلي شامل لجميع الأصدقاء الضالين والموسوسين ، وأن شأن النزول لا يخصص الآية أبدا ، خصوصا وأن لمفردة
صفحہ 313