Nafahat Min Ulum Al-Quran
نفحات من علوم القرآن
ناشر
دار السلام
ایڈیشن نمبر
الثانية
پبلشر کا مقام
القاهرة
اصناف
ولقد بلّغ الرسول ﷺ ما أنزل عليه لأصحابه، ثم شرح لهم القرآن بقوله وبعمله وبتقريره وبخلقه، أي بسنته الجامعة لأقواله وأفعاله، مصداقا لقوله ﷾:
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١).
- وأمّا الصحابة رضوان الله عليهم فكانوا وقتئذ عربا خلّصا متمتعين بجميع خصائص العروبة ومزاياها الكاملة، من قوة في الحافظة، وذكاء في القريحة، وتذوق للبيان، وتقرير للأساليب، ووزن لما يسمعون بأدق المعايير حتى أدركوا من علوم القرآن، ومن إعجازه بسليقتهم وصفاء فطرتهم، ما لا نستطيع نحن أن ندركه مع زحمة العلوم وكثرة الفنون.
وكان بعض الصحابة رضوان الله عليهم مع هذه الخصائص أمّيّين، وأدوات الكتابة لم تكن ميسرة لديهم. والرسول ﷺ قد نهاهم عن أن يكتبوا عنه شيئا غير القرآن.
وقال لهم في أول العهد عند نزول القرآن فيما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: «لا تكتبوا عنّي ومن كتب عني غير القرآن فليمحه وحدثوا عني ولا حرج ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار».
س: ما سبب نهي رسول الله ﷺ عن الكتابة لغير القرآن؟
ج: سبب نهي رسول الله ﷺ عن الكتابة لغير القرآن: مخافة أن يلتبس القرآن بغيره، أو يختلط بالقرآن ما ليس منه ما دام الوحي نازلا بالقرآن الكريم.
فلتلك الأسباب المتضافرة لم تدون علوم القرآن كما لم يدون الحديث الشريف.
ومضى الرعيل الأول على ذلك في عهد الشيخين الكبيرين أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما. ولكن الصحابة كانوا مضرب الأمثال في نشر الإسلام وتعاليمه، والقرآن وعلومه، والسنة وتحريرها. تلقينا لا تدوينا، ومشافهة لا كتابة.
ثم جاءت خلافة عثمان ﵁ وقد اتسعت رقعة الإسلام واختلط العرب الفاتحون بالأمم التي لا تعرف العربية، وخيف أن تذوب خصائص العروبة من هؤلاء العرب الخلّص من جراء هذا الفتح والاختلاط. بل خيف على القرآن نفسه أن
_________
(١) سورة النحل، آية ٤٤.
1 / 8