167

بالدولة(1) مصلحة دينية من تقليل المفاسد لما بقي فيها لحظة واحدة، ومع هذا فالأمر خطير ما يدري الإنسان ما حاله عند الله؛ لأنه قد يرى أن المظلوم سيأخذ ماله كله فيشير بأخذ بعض منه ويرى أنه سيضرب فيقول: يكفيه الحبس يرى يراد (دفع) المفسدة الكبيرة بما هو دونها، وعاتبه المنصور يوما فقال: إني قد جعلت إليك تقليد الحكام قضاء البلدان، وأنه بلغني أنك تولي من لا يعف (عن) أموال الناس، فقال له: الناس صنفان، فالصنف الأول الذين يفرون من الدولة كما يفرون من الأسد كالسيد صلاح الأخفش والفقيه إبراهيم بن خالد العلفي ونحوهما، فهؤلاء لا يرضون بالدخول في أعمال القضاء أصلا أبدا [75أ-ج] .

والصنف الآخر سائر الناس على اختلاف مراتبهم وإني

[40أ-ب]أتوخى منهم من غلب خيره على شره، وكان إذا رأى منكرا لم يمكنه مباشرته بنفسه أشار إلى البدر الأمير بالمناصحة فيه والإبلاغ إلى الخليفة، وكان الخليفة إذا ورد (إليهعليه) (2) شيء من الرسائل أو الواردات [119-أ] الدينية بادر إلى الإرسال لصاحب الترجمة وأطلعه عليها، فيعرفه بما يحسن ويشير عليه بالصواب، وكان يتم له ما أراده من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحسن تدبيره ولطيف صنعه وجودة رأيه.

وكان واسطة العلماء الأعلام، والأغراب الوافدين في قضاء أغراضهم، والسعي في مصالحهم؛ وكان كثير الإجتماع بالمولى هاشم بن يحيى الشامي.

صفحہ 211