ثم قال: ﴿والليل إذا يغشى، إن في ذلك لعبرة لمن يخشى﴾ ففتح باب المناقشة في هذا الفصل، وعقد أسباب المنافسة بقوله الفصل، (فإن الحرب أولها كلام) ثم تنجلي عن قتيل أو أسير كلام.
ولما بلغ الليل غايته، بزغ الفجر ورفع رايته، وقال إذ جال في معترك المنايا (أنا ابن جلا وطلاع الثنايا)، فتقدم في ذلك الميدان وجلّى، تاليا قوله تعالى ﴿والنهار إذا تجلى﴾، ثم استوى على عرش السنا والسناء، وأطلع شموس طلعته في الأرض والسماء، فأعرب عن غوامض الرقائق والحقائق، وأغرب في نشر ما انطوى من الأسرار والدقائق، وبعبارة تمتزج بأجزاء النفوس لنفاستها، وبراعة ترتشف من سلافتها القلوب لسلاستها، فلله دره ما أفصحه من ترجمان، قد جلا من نقود معارفه ما أزرى الجمان، وانحدر من منبره، حتى أيد دعوى خبره بشاهد مخبره.
فانتدب إليه الليل، ومال عله كل الميل، وجعل نجوم النيرات له رجوما، وما غادر منه أطلالا ولا رسوما، ولما طرّز البردَ بود الدجى،
1 / 125