فصل في ذكر وفاته (صلى الله عليه وآله) وصحبه الركع السجود الموفين بالعهود صلاة دائمة إلى يوم الخلود
وهو ما أجازني كمال الدين المذكور أنه لما مرض (صلوات الله عليه) قال: «إن الله تعالى خيرني في الدنيا والآخرة، فاخترت الآخرة» (1).
فبكى المسلمون لذلك، وانقطع ثلاثة أيام- وقيل: سبعة عشرة صلاة- واستأذن نساءه أن يتمرض في بيت عائشة بعد أن كان في بيت ميمونة، فأذنوا له فخرج تخط رجلاه الأرض فكان يقول: «أين أنا غدا» يريد القسمة بينهن، وقيل: مدة مرضه ثلاثة عشر ليلة، وقيل: إثنا عشر يوما، وقيل: أربعة عشر يوما. وأعتق أربعين نفسا. وأمر عائشة ثلاث دفعات أن تنفذ إلى علي (عليه السلام) سبعة دنانير كانت عنده ليتصدق بها، وكانت تشتغل بمرضه ثم بعثتها (2).
وخرج قبيل مرضه إلى البقيع، فاستغفر لهم جميعا وبكى طويلا وقال:
«ليهنئكم ما أصبحتم فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع آخرها أولها، ولقد أعطيت يا أبا المويهبة خزائن الدنيا والخلود في الجنان، ولم أختر إلا لقاء ربي» (3).
ثم رجع، واشتكى واشتد وجعه يوم الأحد، فأرسلت عائشة بمصباحها إلى امرأة تطلب سمنا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسى في جديد الموت، وعادته فاطمة- وكانت
صفحہ 42