نبی موسیٰ و تل العمارنہ

سيد القمني d. 1443 AH
86

نبی موسیٰ و تل العمارنہ

النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية

اصناف

ويشير «هيرودوت» إلى أن فتوحاته وصلت أقصى جنوب البحر الإريتري (الأحمر) جنوبا، ثم يعقب بالقول: «ومع أن أغلب الأعمدة التي أقامها ملك مصر سيزوستريس في الأقطار اختفت، ولم يبق منها شيء بعد، إلا أني لحظت بنفسي أن بعضها ما زال موجودا بفلسطين السورية، وعليها النقوش التي تحدثت عنها.»

2

وتلك الأعمدة لا بد أن تذكرنا بوصف القرآن الكريم لفرعون موسى بأنه

وفرعون ذي الأوتاد .

ولأن «سيزوستريس» عرفه اليونان بشدة البأس، فقد رأى «دي بوا إيميه»

3

أنه من الصعب أن ننسب إلى عهده الكوارث التي لحقت بمصر في حديث التوراة، ومن هنا يرى أن تلك الأحداث التي انتهت بالخروج، يجب نسبتها لعهد ولده الذي أسماه «هيرودت» باسم «فيرون»، وأطلق عليه «ديودور» اسم «سيزوستريس الثاني»، ولا شك عند «دي بوا إيميه» أن «فيرون» لم يرث فضائل أبيه ومواهبه، حيث يصوره التاريخ أميرا ضعيفا متطيرا يؤمن بالخرافات، مع ما حدث في عهده من فيضان النيل إلى حد التدمير، مع ما صحب ذلك من عواصف وأعاصير وسيول؛ مما أقنعه بأن ذلك غضب إلهي؛ وهو ما أدى به إلى إطلاق الأسرى من مصر.

وبالمراجعة وراء «دي بوا إيميه» رجعنا إلى «هيرودت»، فوجدنا «فيرون» عنده مذكورا باسم «فيروس» ولا بأس فهما واحدا بحذف ال «ن»، وإضافة التصريف الإسمي اليوناني المعتاد، لكن المثير في المسألة أن «فيرون» هنا، ستنطق أيضا نطقا مصريا وعبرانيا صحيحا باللفظ «فرعون»، ويبدو أنه يعود بدوره إلى أحد الألقاب المصرية الخاصة بهذا الفرعون، وأنه اسم خاص تماما بفرد بعينه، وهو ما يبدو لنا الأصل في انسحاب اللقب على بقية حكام مصر «الفراعنة»، لكن إذا كان هذا الفرض صحيحا، فإنه كان هناك فرعون واحد باسم «فرعون»، وأنه يبدأ من لحظة تاريخية أولى، كانت مع بني إسرائيل زمن الخروج ، ويعاضد ذلك تماما الفهم الديني المتواتر عن الفرعون زمن موسى، كما لو كان لمصر طوال تاريخها فرعون واحد، هو ذاك الذي غرق في بحر سوف، والأمر بهذا الشكل يستدعي إعادة النظر في التخريج القائل إن كلمة «فرعون» مأخوذة من كلمة «برعو» المصرية القديمة، والتي تعني السور العظيم، أو ربما تعود التسمية للسببين معا.

ومن ثم، فقد احتسب «دي بوا إيميه» أن «سيزوستريس» المظنون الآن أنه «رعمسيس الثاني» ابن للفرعون «آمنحتب»، سيرا مع «مانيتو» بإسقاط أسرة العمارنة، لكن المهم أنه رتب الأمر حتى إنه كشف عن نظرية الخروج زمن «مرنبتاح»، الذي هو عنده «فيرون»، قبل فك رموز الهيروغليفية، ومعرفة كشوف أركيولوجية أدت إليها، وأهم تلك الكشوف ذلك اللوح الذي تركه لنا «مرنبتاح ابن رعمسيس الثاني»، وذكر فيه للمرة الأولى والوحيدة واليتيمة اسم إسرائيل، في تاريخ مصر طولا وعرضا، وقد جاء الاسم في ذلك اللوح ضمن انتصاراته على عدد من الشعوب، واللوح لون من اللوحات التذكارية، مصنوع من الجرانيت الأسود، ويعرف الآن في المتحف المصري بلوح إسرائيل، وكان قد أقيم أصلا في معبده الجنائزي، ثم نقل إلى المتحف المصري حيث يحفظ الآن، كما أقيم له مثيل في الكرنك، وجدت منه قطعة هناك، أما الفقرة التي تعني موضوعا هنا في ذلك اللوح، فهي تلك التي تقول:

يقول الرؤساء وهم منطرحون أرضا:

نامعلوم صفحہ