نبی موسیٰ و تل العمارنہ
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
اصناف
وبمطابقته مع اللوحة السداسية لملوك الهكسوس يكون ترتيبه السادس بينهم، ويكون هو أبو فيس الثالث حيث سبقه إلى حمل لقب أبو فيس اثنان من الملوك الهكسوس.
وتلك القصة التي تروي ذلك الصراع من أجل طرد الغزاة، دونت بعد عصرها بزمان، في عهد الملك «مرنبتاح بن رمسيس الثاني» في الأسرة التاسعة عشرة، ويبدو عليها أنها كانت تمرينا مدرسيا، وصلنا به أخطاء عديدة نتيجة جهل التلميذ، الذي نقلها عن أصل لا نعرفه الآن، وبها تكرار لبعض الجمل وبعض الأحداث، وغموض في نواح كثيرة، نشأ عن تهشم بعض أجزائها، وتقول الفقرة الأولى منها:
حدث أن أرض مصر كانت في جائحة شنعاء، ولم يكن للبلاد حاكم يعد ملكا في هذا الوقت، وقد حدث أن الفرعون سقنن رع كان حاكما على المدينة الجنوبية، لكن «الجائحة الشنعاء كانت في بلد العامو»، وكان الأمير أبو فيس في أواريس، وكانت كل البلاد خاضعة له، وكذلك كل حاصلاتها بأكملها، كذلك كل طيبات تميرا (مصر)، وقد اتخذ الملك أبو فيس الإله ستخ ربا له، ولم يعبد أي إله آخر في البلاد سوى ستخ، وقد بنى معبدا ليكون حصنا خالدا بجانب قصر أبو فيس، وقد كان يستيقظ كل يوم ليقرب الذبائح اليومية للإله ستخ، وكان موظفو جلالته (أي الفرعون سقنن رع) يحملون الأكاليل من الزهر، كما كان يفعل تماما في معبد رع حر أختي
19 (علينا هنا ملاحظة أن قرابين سوتخ كانت ذبائح وأن قرابين الرب المصري كانت أكاليل من الزهور).
ويتوالى سرد القصة، فتروي أن حاكم الهكسوس، أراد التحرش بملك المملكة الجنوبية «طيبة/الأقصر»، فأرسل له زاعما أن أفراس النهر الموجودة في بحيرات طيبة، تصدر في الليل ضجيجا يمنعه من النوم ويقلق راحته، وللأسف فإن ما تلا ذلك من أحداث، ينقطع عنا بسبب التشوه الذي لحق بالوثيقة، وكل ما أمكن استنتاجه أن حربا قد بدأت بين الطرفين، وأن الملك المصري الوطني سقننرع قد وقع صريعا، وهو ما تم استنتاجه من فحص مومياء الملك، التي تقلصت تقلصا شديدا، وهو ما يشير إلى آلام فظيعة عانى منها سقننرع، هو في سكرات موته، وظهر بالمومياء جروح غائرة في الرأس والعنق، من المرجح أنها ضربات بلط، ولم يكن الملك قد تجاوز عامه الثلاثين بعد، حسب تقديرات الأطباء الذين فحصوا المومياء.
20
ويستنتج «محمد بيومي مهران» من ذلك نتيجة يلخصها في قوله: «إن سقنن رع قد قتل في ساحة الوغي، وإن المصريين تمكنوا من حمل الجثمان وتحنيطه، وذلك دليل على سيطرة الجيش المصري على أرض المعركة.»
21
وفي عام 1954م اكتشف الأركيولوجست المصري «محمد حماد» بالأقصر، لوحة كبيرة تروى بإفاضة الجهود الحربية التي قادها «كامس» ، خليفة سقننرع ضد ملك الهكسوس أبو فيس أو «أبوبي»، الذي حمل هذه المرة لقبه المصري «عا أو سر رع خمودي»، وهو الكشف الذي دعم شبيها له، سبق أن كشفت عنه حفائر «اللورد كارنارفون» بحوالي خمسين عاما، وكان لوحة هيراطيقية تروي مراحل الصراع الأولى، وكانت بدورها نسخة نقلها كاتبها عن نص تاريخي أصيل أقيم بالمعبد، وهو التعدد الذي يشير لأصالة الرواية التي تروى:
السنة الثالثة، حور الظاهر على عرشه، وصاحب الإلهتين، حور الذهبي، الذي يجعل الأرضين مسرورتين، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، واز خبر رع ابن الشمس، كامس، معطى الحياة مثل رع أبد الأبدين، محبوب آمون رع سيد الكرنك، الملك القوي في ربوع طيبة، كامس معطى الحياة مخلدا، كان ملكا محسنا، وقد جعله رع ملكا حقيقيا، وسلمه القوة بالحق المبين، وقد تكلم جلالته إلى مجلس كبار الدولة، الذين كانوا في حاشيته قائلا: إلى أي مدى أدرك كنه قوتي هذه؟ عندما أرى «حاكما جالسا في أواريس وآخر بلاد كوش»، وأنا أجلس مشتركا مع رجل من العامو وزنجي، وكل رجل منهما مسئول عن جزئه من مصر هذه، «وذلك الذي يقاسمني الأرض لن أجعله يمر في ماء مصر حتى منف»، تأمل إنه يسيطر على الأشمونيين، ولا يرتاح رجل لصيرورته عبدا «للستيو»، إني سأصارعه وأبقر بطنه، وإن رغبتي هي تحرير مصر والقضاء على الآسيويين ... وعندئذ قال عظماء مجلسه: تأمل، لقد تقدم الآسيويون حتى وصلوا القوصية، وقد أخرجوا ألسنتهم لنا حتى آخرها، إننا في طمأنينة نملك نصيبنا من مصر وألفنتين، والقوم يحرثون لنا أحسن أرضهم، وماشيتنا ترعى في مستنقعات الدلتا البردي، والشعير يدرس لخنازيرنا، ومواشينا لم تغتصب، بسبب ذلك، «وهو ... ويستولي على أرض العامو، ونحن نمتلك مصر»، ولكن كل من يأتي إلى أرض ليناهضنا سنناهضه ...
نامعلوم صفحہ