نبی موسیٰ و تل العمارنہ
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
اصناف
11
وهنا وجد «يوسفيوس» الدليل الأقوى في مجموعة أحداث، تتشابه في بعضها مع قصة التوراة عن الخروج، أما الأقوى والحاسم في الأمر، فهو «أوزرسيف» الذي رأى فيه «يوسفيوس» شخص موسى نفسه، ومن ثم انتشرت تلك القصة عن «يوسفيوس» في العالمين الإغريقي والروماني، وظلت زمنا طويلا يمتد قرونا، التفسير شبه التاريخي، شبه الموثق، لقصة الخروج، المؤسسة على المزج بين الهكسوس وبين بني إسرائيل ومن ثم «كان ذلك كافيا لتفسير عدم ذكر المصريين في نصوصهم لبني إسرائيل، ودخولهم أو خروجهم من مصر؛ لأن مصر قد عرفتهم بالفعل، وعرفت أنهم دخلوها وأنهم خرجوا منها، ولكن باسم الهكسوس».
وهنا يضيف «يوسفيوس» إلى تلك الرواية خبرا غريبا يجب أخذه بحذر، وذلك في كتابه «العاديات اليهودية»، نوجزه في قوله: عندما كان موسى في مصر حدثت حرب بين مصر وإثيوبيا، واشترك موسى في المعركة كضابط بالجيش المصري ، ووصل الإثيوبيون حتى تخوم منف، لكن موسى ببراعته حاربهم مع رجاله، ودحرهم حتى عادوا ديارهم، وحاصر مدينتهم، وهناك من على الأسوار، رأته بنت ملك إثيوبيا، فدخل حبه إلى قلبها، فأرسلت تخطبه لنفسها، وهنا ساومها موسى على الحب مقابل استسلام مدينتها.
ثم يؤكد يوسفيوس رغبة الآلهة المصرية في التحالف بين المصريين والإسرائيليين بقوله: «فلما وصل الغزاة الإثيوبيون إلى أبواب منف، لجأ المصريون لاستشارة الآلهة، طلبا للنبوءة واستلهام الوحي، وإذا النصيحة تأتي من الإله أن اتخذوا من اليهودي حليفا.»
12
وهي الرواية التي قصد منها الالتقاء بما ورد في التوراة، حول زواج موسى من امرأة كوشية/زنجية سوداء، وجاءت الإشارة إليها في حكاية التوراة السريعة المختصرة المبتسرة «وتكلمت مريم وهارون على موسى، بسبب المرأة الكوشية، التي اتخذها؛ لأنه كان قد اتخذ امرأة «كوشية»، فقالا: هل كلم الرب موسى وحده، ألم يكلمنا نحن أيضا» (عدد، 12: 1-2).
لقد حاول يوسفيوس أن يجد تعليلا، لزواج موسى من سوداء زنجية كوشية في سيناء، فقال بحرب بين مصر وإثيوبيا، حيث الكوش الزنوج، والتي تقع جنوبي مصر، انتهت بزواجه من بنت ملك كوش، وهو ما يتناقض تناقضا صارخا مع بقية روايته، التي تتحدث عن صداقة أمينوفيس/آمنحتب لملك إثيوبيا ولجوئه إلى بلاده، إبان حربه مع الغزوة الهكسوسية الثانية، التي تحالفت مع الثائر الكاهن أوزرسيف.
والواضح أن المحرر قد استخدم كلمة إثيوبيا مرتين، للدلالة على العنصر الأسود وليس على المكان؛ لأننا سنرى في هذا البحث أن إثيوبيا التي لجأ إليها الفرعون جنوبي مصر أمر، وإثيوبيا التي كانت في حالة عداء مع الفرعون آنذاك أمر آخر وموضع آخر، موضع ضم عددا من الأجناس من بينها الزنج (الكوشيون)، ناهيك عن كوننا نعلم أن موسى تزوج صفورة بنت يثرون، أو رعوئيل كاهن مديان بسيناء، «ولا شك لدينا أنها هي ذاتها التي وصفت بكونها زنجية كوشية، وهو ما سيتأكد مع السير في بحثنا هذا قدما».
وهكذا يمكن تفصيل المكونات الرئيسية لنظرية مانيتون، حسب رواية يوسفيوس في عناصر هامة أبرزها:
أن فرعون مصر زمن غزو الهكسوس لمصر كان باسم «توثيما يوس»، وهو ما يغطي لنا صمت الوثائق المصرية عن الحديث، بشأن اسم الفرعون المصري زمن غزو الهكسوس، ولو مؤقتا.
نامعلوم صفحہ