نبی موسیٰ و تل العمارنہ
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
اصناف
واشتغل موسى برعي غنم حميه يثرون، وبينما هو مع أغنامه عند سفوح الجبل المقدس المعروف بجبل الله أو جبل حوريب «جبل الله حوريب» (خروج، 3: 1) من عبارة «هو الرب» العبرية، رأى ظاهرة عجيبة، نبات مضيء؟ نبات يبدو مشتعلا بالنار لكنه لا يحترق؟ واقترب موسى المشدوه بالمشهد، لكن ليكتشف أن ذلك الضوء ضوء إلهي مصحوب بصوت يناديه: «لا تقترب إلى ههنا، اخلع حذاءك من رجليك؛ لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة» (خروج، 3: 5).
ويتعارف الاثنان، ويقدم هذا الإله نفسه لموسى هكذا: «أنا إله أبيك، إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب، رأيت مذلة شعبي الذي في مصر؛ فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين، وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة» (خروج، 3: 6-8).
ويبدو أن «موسى كان يجهل اسم «إيل»، رب البطاركة» الأوائل المفترض أنهم أسلافه؛ لذلك سأل الإله عن اسمه وصدق إجابته فورا، في حوار سأل فيه موسى ربه «فإذا قالوا لي ما اسمه؟ فماذا أقول لهم؟ فقال الله لموسى: أهيه الذي «أهيه ... يهوه» إله آبائكم ... هذا اسمي إلى الأبد» (خروج، 3: 13-15).
وكانت خطة يهوه هي إخراج بني إسرائيل من مصر إلى فلسطين، بترتيبات إلهية مدعومة بالمعجزات ، فأعطى موسى آيات سحرية كالعصا الثعبانية وإضاءة يده، إذا أدخلها في جيبه أو «عبه» بتعبير التوراة، وكانت الخطة هي إيهام الفرعون أن الإسرائيليين بحاجة إلى إقامة احتفال ديني خاص بهم، يذبحون فيه حيوانا مقدسا عند المصريين؛ لذلك فهم بحاجة إلى الابتعاد عن مساكن المصريين «نمضي ثلاثة أيام في البرية ونذبح للرب إلهنا» (خروج، 3: 18)، وبعد ابتعاد مسيرة ثلاثة أيام في الصحراء يكونون قد أصبحوا بعيدين بمسافة كافية، ويمكنهم الاستمرار في الهرب وهم آمنون من اللحوق بهم، لكن كان عليهم أيضا بأمر يهوه أن يستعيروا حلي المصريات ومصوغاتهن الذهبية زينة للعيد، ثم يفرون بها، أو كما أمر يهوه موسى قائلا: «وأعطي نعمة لهذا الشعب في عيون المصريين، فيكون حينما تمضون لا تمضون فارغين، بل تطلب كل امرأة من جارتها ومن نزيلة بيتها أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابا، وتضعونها على بنيكم وبناتكم فتسلبون المصريين» (خروج، 3: 21، 22)، لكن موسى كانت لديه حجة أخرى جعلته مترددا في تنفيذ أوامر يهوه، وهو أنه «ثقيل الفم واللسان»، فجعل له يهوه من أخيه هارون ناطقا بما يريد ومبلغا. «وقال الرب لموسى في مديان: اذهب ارجع إلى مصر؛ لأنه قد مات جميع القوم الذين كانوا يطلبون نفسك» (خروج، 4: 19)، وبموت الفرعون، الذي كان يطلب القصاص من موسى لقتله المصري، بات موسى آمنا في العودة إلى مصر، وذهب موسى وهارون فور العودة إلى قصر الفرعون، يطلبون منه السماح بارتحال بالمستعبدين في أعمال المعمار، إلى البوادي الشرقية ليذبحوا لإلههم، فرفض الفرعون، لكن يهوه أعلن لشعبه: «أنا الرب، وأنا أخرجكم من تحت أثقال المصريين، وأنقذكم من عبوديتهم، وأخلصكم بذراع ممدودة وبأحكام عظيمة وأتخذكم لي شعبا وأكون لكم إلها» (خروج، 6: 6-7)، وهكذا اختار يهوه شعبا خاصا له ليتأله عليه، وحمل هذا الشعب من يومها لقب «الشعب المختار».
ويبدأ يهوه ألاعيبه ليثبت أنه أشد سحرا من السحرة المصريين، وأنه أقوى من فرعون الذي كان أقوى ملوك العالم، وكان الانتصار عليه انتصارا عالميا بل وكونيا، فقام يهوه يركز غضبه على عصب الحياة والاقتصاد والزراعة المصري، فيقوم بضرب نهر النيل ليتحول إلى دم، ليضطر المصريون إلى الحياة كالبدو والرعاة بحفر الآبار للشرب، كي لا يموتوا عطشا (خروج، 7: 19-24)، وينشر الضفادع في بلاد النيل (خروج، 8: 5، 6)، ثم البعوض (خروج، 8: 16)، ثم الذباب (خروج، 8: 20-24) ثم ينشر الوباء بين البشر والسوائم (خروج، 9: 3-6)، مع دمامل وبثور (خروج، 9: 8-10)، ثم يسلط ظواهر الطبيعة الرديئة على الوادي الغني ليفقره، كالبرد الثلجي والنار والرعود (خروج، 9: 22-26)، ويلحق بها الجراد ليقضي على البقية الباقية من خيرها (خروج، 10: 12-15)، ثم ينزل بالبلاد جميعها ظلاما دامسا وقت النهار (خروج، 10: 21-23)، حتى تأتي ضربة يهوه العاشرة وهي قتل الصبية المصريين من الأبكار، وكذلك أبكار السوائم أيضا:
وقال موسى: هكذا يقول الرب: إني نحو منتصف الليل أخرج في وسط مصر، فيموت كل بكر في أرض مصر، من بكر الفرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الجارية التي خلف الرحا، وكل بكر بهيمة، ويكون صراخ عظيم في كل أرض مصر، من بكر الفرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الجارية التي خلف الرحا، وكل بكر بهيمة، ويكون صراخ عظيم في كل أرض مصر. (خروج، 11: 4-6)
وإبان ذلك جميعه، تصر دراما الفزع والرعب التوراتي، على تأكيد أن المصريين وحدهم، هم من عانى تلك الضربات، بينما كان الإسرائيليون يسكنون أرض جاسان في مصر، ولم تصبهم ولا أرض جاسان التي سكنوها أي من شرور يهوه الكونية تلك، لكن يبدو أن المحرر التوراتي لم ينتبه، وهو يؤكد تلك العناية والرعاية، من يهوه لشعبه المختار، أنه قد جعل من جاسان حيث يقيم شعبه، مقرا للبلاط الملكي الذي استحق كل هذا الدمار والغضب اليهوي، والذي لا شك لم يلحقه بدوره هذا الدمار، لوجوده في مقاطعة جاسان، التي لم تصب بأي أذى، ولكن ذلك لم يكن شاغلا للمحرر، فهو متأكد من وجود جاسان بعيدا عن الضربات، وهو ما أصر المحرر على تأكيده مع كل ضربة يهوية، انظره يقول مثلا:
أنا أرسل عليك وعلى عبيدك وعلى شعبك وعلى بيوتك الذبان، فتمتلئ بيوت المصريين ذبانا وأيضا الأرض التي هم عليها، «ولكن أميز في ذلك اليوم أرض جاسان حيث شعبي مقيم حتى لا يكون هناك ذبان». (خروج، 8: 21، 22)
فماتت جميع مواشي المصريين «وأما مواشي بني إسرائيل فلم يمت منها واحد». (خروج، 9: 6)
فأعطى الرب رعودا وبردا وجرت نار على الأرض ... «إلا أرض جاسان حيث كان بنو إسرائيل، فلم يكن فيها برد». (خروج، 9: 23-26)
نامعلوم صفحہ