نبی موسیٰ و تل العمارنہ
النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
اصناف
ثم يتابع: «عندما جلس آمنحتب الثالث على عرش مصر، كان الثراء قد وصل درجة لم يصل إليها من قبل، ولا وصل إليها في أي عصر لاحق، واستطاع الملك الذي ساد السلام في عصره، أن يستخدم هذا الثراء في البناء، سواء في مصر أو في بلاد سورية وكنعان، فشيد المعابد والقصور والمدن المحصنة، وكان لوجود عدد كبير من أسرى الحرب في ذلك الزمان أثر فعال.»
21
ثم يعقد المقارنات مع قصة العهد القديم، التي تتحدث عن ثروة سليمان، التي كانت تأتيه من الممالك الخاضعة له «وكان وزن الذهب الذي أتى سليمان في سنة واحدة ستمائة وستين وزنة ذهب.» وكانت فترة حكم سليمان فترة سلام، فلم يقم بأي حروب طوال سني حكمه الأربعين؛ لذلك استعمل تلك الثروات في المعمار والإنشاء، كبناء قصر الملك وبناء المعبد والهيكل، استخدم فيه جيشا من البنائين، جمعه من بين الشعوب التي خضعت له، كما امتلأ قصره بالغيد الحسان من زوجات وجوار، وصل عددهم إلى ما يربو على الألف امرأة، ويلاحظ عثمان أن «كل النسوة لم يكن بينهن ولو واحدة فقط من بني إسرائيل»!
22
ثم يقول: «وبينما لم يتم العثور على أية بقايا لكل هذه الإنشاءات، ترجع إلى القرن العاشر ق.م. الذي عاش فيه سليمان، نجد الأدلة كلها تؤكد أن هذه الأعمال نفسها تمت من أربعة قرون، قبل ذلك في عهد آمنحتب الثالث. والبعثة الأمريكية التي قامت بالكشف عن القصر الذي بناه آمنحتب الثالث غرب الأقصر، أكدت أنه كان مكونا من البيوت نفسها، التي ورد ذكرها في قصة سليمان، وما زال خشب الأرز اللبناني قائما هناك.»
23 ... وإن هذه الإمبراطورية الإسرائيلية الوهمية، اختفت تماما كالسراب في قصص العهد القديم نفسه، «بمجرد أن وارى التراب جثة سليمان، فلا قصور ولا حصون ولا جيش جرارا، ولا سفن تجوب البحر إلى أوفير، ولا خشب من صور، ولا جزية من أرام سورية أو من موآب وآدوم في الجنوب»، وعادت القصة إلى الصورة الأصلية لقبائل بني إسرائيل المنتشرة على سفوح الهضاب الفلسطينية، في حالة مستمرة من الدفاع عن النفس أمام قوى كانت دائما أكبر منها بكثير.»
24
والمعلوم أنه بعد موت سليمان، انقسمت المملكة إلى يهوذا في الجنوب، وإسرائيل في الشمال، بينما قام الفرعون شيشنق المصري، بمهاجمة مملكة يهوذا، ولم تسجل نصوصه شيئا عن مملكة قوية في فلسطين، ولم يذكر شخصا باسم سليمان ولا بالإشارة، بينما كان العهد القديم يشير إلى مملكة وصل نفوذها إلى الفرات، وطبقت شهرة ملكها سليمان الآفاق، ومن ثم يعقب فراس السواح بالقول: «فإما أن التاريخ قد أحبك مؤامرة صمت مقصودة، وإما أن هذه المملكة الموحدة لم يقم لها قائمة، إلا في خيال المحرر التوراتي؛ فلم يتم العثور على بنية واحدة من بناها، وعلم الآثار كما تقول السيدة كينون، لا يستطيع تقديم أية فكرة عن مدينة العصر الذهبي وثرائها، وقصور سليمان التي بناها له ولزوجاته.»
25
ويتابع: «وفي قصة زواج الملك سليمان من ابنة الفرعون، يقع المحرر في تناقض يظهر الطابع الخيالي لنفوذ سليمان الداخلي والخارجي، فقد صعد فرعون مصر المجهول الاسم على فلسطين وأخذ مدينة جازر، وهذه لا تبعد عن أورشليم أكثر من بضع عشرات من الكيلومترات. وهكذا نعرف مدى النفوذ الفعلي للملك سليمان، الذي وصلت سلطته إلى الفرات، وكان عاجزا عن ضم مدينة كنعانية قوية، لا تبعد إلا رمية حجر من عاصمته.»
نامعلوم صفحہ