ظلمة ..) الحديث يحتمل أن يكون المراد بالخلق هاهنا الثقلين، وهما الجن والإنس، ويحتمل أن يكون المراد به الإنس.
وأما قوله: (في ظلمة) أي كائنين ومترددين فيها، وذلك نحو قوله- تعالى-: ﴿لقد خلقنا الإنسان في كبد﴾ والمراد بالظلمة: ما جبلوا عليه من الأهواء المضلة والشهوات المردية، والأدخنة الثائرة من النفس الأمارة. وفيه تنبيه على أن الإنسان خلق على حالة لا تنفك من الظلمة، إلا من أصابه النور الملقى عليه. وقوله: (من نور) أي: من نور خلقه. قال الله- تعالى- ﴿وجعل الظلمات والنور﴾ فإضافته إلى الله- تعالى- إضافة إبداع واختراع، على سبيل التكريم، والإلقاء في أصل اللغة: هو طرح الشيء حيث نلقاه، ثم صار في التعارف اسما لكل طرح، والنور الملقى عليهم هو: ما بين لهم من الحجج النيرة والشواهد البينة والآيات الباهرة، ثم ما أيدها به من التعريف الإلهي والنور القدسي المنبعث من بصر القلب، فمن جعل مستعدا لقبول ذلك النور الإلهي بصفاء الجوهر وطهارة الطينة؛ تخلص من تلك الظلمة، فاهتدى، ومن لم يساعده ذلك ضل، وإلى مثل هذا المعنى أشير بقوله- سبحانه-: ﴿الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة﴾. الآية وقوله: ﴿أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس﴾ وقوله تعالى: ﴿أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه﴾ ونحوها من الآيات.
1 / 65