میسر فی حیاۃ الخلفاء الراشدین

علی بن نایف الشحود d. 1450 AH
83

میسر فی حیاۃ الخلفاء الراشدین

الميسر في حياة الخلفاء الراشدين

ثم وقع القتال، ولم يكن ذلك الهجوم الكاسح بكلالامكانات وبكافة الطاقات، وكل منهما يبغي استئصال الآخر، وإنما هذا ما كان يخشاه الجانبان فإن القتل من أي طرف إنما هو اضعاف للمسلمين، لأن هؤلاء الحضور من أي جانب كان إنما هم جند المسلمين وقوتهم، وعلى عاتقهم حماية الثغور، واتمام الفتوحات، لذا كانت تتقدم فرقة إلى فرقة لعل الله يصلح الأمور، وتثوب العقول إلى رشدها، واستمر ذلك مدة شهر ذي الحجة، وأهل شهر المحرم، فتوقف القتال، وتصافوا لعلهم يتصالحون، وكثرت السفراء بين الفريقين ولكن دون جدوى. ولا بد هنا من وقفة قصيرة هل يترك الحقد لهم مجالا للتفكير بالتوقف عن القتال لو كان هناك حقد ؟ إلا أن النفوس طيبة، وبالقلوب محبة صادقة تستغل أي شيء لعل الأمر يهدأ ويتم الصلح. ومع ذلك فقد بقي كل على رأيه مصر على موقفه، علي واضح بين رأيه، ومعاوية لا يبدي تجاوبا، وكان لابد من القتال العام.

عادت الفرق من الجانبين يناوش بعضها بعضا، واستمر ذلك مدة النصف الأول من شهر صفر من عام 37 ه، فلما رأى الطرفان أن التأخير لا يفيد كان لا بد من حملة عامة، وكانت، واستمر القتال ثلاثة أيام قتل من الفريقين العدد الكثير، فقد قتل عمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص من أصحاب علي، وقتل عبيدالله بن عمر بن الخطاب من أصحاب معاوية، وظهرت علائم الهزيمة على جيش الشام، ورفعت المصاحف، وتوقف القتال، وعلى الرغم مما قيل من أن العراق لم يكن قسم منهم يرغب في وقف القتال، ومنهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نفسه، والاشتر النخعي أحد القادة البارزين والذي استمر في القتال على الرغم من إعطاء الأوامر له بالكف عن متابعة القتال، إلا أن الأمر قد تم، وتوقف القتال ، فالمسلمون ينتظرون من كل بارقة أمل أن يكون فيها الصلح، ولو لما يكن ذلك لم توقف القتال، والنصر قد لاح لفريق وهو الطرف الشرعي، ويقاتل بعناد الطرف المعاند حسب رأي أمير المؤمنين على الأقل. ولما سأل الأشتر النخعي معاوية بن أبي سفيان عن رأيه، أجابه بفكرة الحكمين.

صفحہ 84