175

الموافقات

الموافقات

تحقیق کنندہ

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

ناشر

دار ابن عفان

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُحتاج إِلَيْهِ، فَهَؤُلَاءِ لَا يُخليهم الْعِلْمُ وَأَهْوَاءَهُمْ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ، بَلْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ رُجُوعَهُمْ إِلَى دَوَاعِيهِمُ الْبَشَرِيَّةِ، وَأَوْصَافِهِمُ الْخُلُقِيَّةِ١، وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ هِيَ الْمُتَرْجَمُ لَهَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهَا مِنَ الشَّرِيعَةِ كَثِيرٌ؛ كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ [الزُّمَرِ: ٩] . [ثُمَّ قَالَ] ٢: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ الْآيَةَ [الزُّمَرِ: ٩] . فَنَسَبَ هَذِهِ الْمَحَاسِنَ إِلَى أُولِي الْعِلْمِ مِنْ أَجْلِ الْعِلْمِ، لَا مِنْ أَجْلِ غَيْرِهِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ [الزُّمَرِ: ٢٣] . وَالَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ هُمُ الْعُلَمَاءُ، لِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فَاطِرٍ: ٢٨] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ الْآيَةَ [الْمَائِدَةِ: ٨٣] . وَلَمَّا كَانَ السَّحَرَةُ قَدْ بَلَغُوا فِي عِلْمِ السِّحْرِ مَبْلَغَ الرُّسُوخِ فِيهِ، وَهُوَ مَعْنَى هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ؛ بَادَرُوا إِلَى الِانْقِيَادِ وَالْإِيمَانِ حِينَ عَرَفُوا مِنْ عِلْمِهِمْ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى ﵇ حَقٌّ، لَيْسَ بِالسِّحْرِ وَلَا الشَّعْوَذَةِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْ ذَلِكَ التَّخْوِيفُ وَلَا التعذيب الذي توعدهم به فرعون٣.

١ في الأصل: "الخليقية". ٢ ليست موجودة في الأصل. ٣ مبادرة السحرة إلى الانقياد والإيمان تستند مباشرة إلى تحققهم في العلم بصدق موسى ﵇ وصحة رسالته؛ فهي أثر من آثار هذا العلم المترتب على مشاهدة المعجزة وتمييزهم بينها وبين ما هو سحر، وهذا التمييز الذي أومض في قلوبهم بسرعة هو الناشئ عن رسوخهم في علم السحر. "خ".

1 / 91