أسماء الممثلين
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
أسماء الممثلين
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
المثري النبيل
المثري النبيل
هزلية تمثيلية ذات خمسة فصول
تأليف
موليير
ترجمة
إلياس أبو شبكة
أسماء الممثلين
السيد جوردان:
المثري.
السيدة جوردان:
زوجته.
لوسيل:
ابنة السيد جوردان.
نيقول:
خادمته.
كليونت:
عشيق لوسيل.
كوفييل:
خادم كليونت.
دورانت:
كونت، عشيق دوريمين.
دوريمين:
مركيزة.
أستاذ في الموسيقى.
تلميذ الأستاذ في الموسيقى.
أستاذ في الرقص.
أستاذ في علم البراز.
أستاذ في الفلسفة.
أستاذ خياط.
تلميذ خياط، خادمان، عدد من الموسيقيين والموسيقيات والراقصين والطهاة.
الفصل الأول
(يرفع الستار عن آلات موسيقية عديدة، ويرى في وسط المسرح أحد تلامذة الأستاذ في الموسيقى يؤلف لحنا كان المثري قد طلبه ليعزف في حفلة يعدها.)
المشهد الأول (أستاذ الموسيقى - تلميذه - أستاذ الرقص - ثلاثة موسيقيين - كمنجتان - أربعة من الراقصين)
أستاذ الموسيقى (يخاطب موسيقييه) :
تعالوا، ادخلوا إلى هذه القاعة واستريحوا إلى أن يحضر.
أستاذ الرقص (يخاطب الراقصين) :
وأنتم أيضا، ادخلوا من هذه الجهة.
أستاذ الموسيقى (لتلميذه) :
هل انتهى؟
التلميذ :
نعم.
أستاذ الموسيقى :
حسن ... حسن.
أستاذ الرقص :
هل من جديد؟
أستاذ الموسيقى :
نعم، لحن للحفلة طلبت منه أن يؤلفه إلى أن يستفيق صاحبنا.
أستاذ الرقص :
أنستطيع أن نسمعه؟
أستاذ الموسيقى :
ستسمعه عندما يحضر؛ فلن يتأخر إلا قليلا.
أستاذ الرقص :
إن أشغالنا أنا وأنت، لم تبق صغيرة الآن.
أستاذ الموسيقى :
صحيح؛ فلقد وقعنا هنا على الرجل الذي يلزمنا، فالسيد جوردان إيراد عذب لي ولك، ويا له إيرادا جميلا هذا النبل الذي يتكلفه! أليس أن رقصك وألحاني تتمنى لو حذا جميع العالم حذو جوردان هذا؟
أستاذ الرقص :
ليس تماما كما تقول؛ فإني لأتمنى لو أدرك أكثر مما يدرك أهمية الأشياء التي نقدمها له.
أستاذ الموسيقى :
صدقت، إنه لا يدركها كما ينبغي، على أنه يدفع ثمنها بكرم، وأرى أن الفنون التي نتعاطاها أحوج ما تكون إلى هذه المادة الأخيرة.
أستاذ الرقص :
أما أنا فلا أكتمك أني أميل إلى شيء من المجد ، وأن التصفيق يطربني ويحرك إحساسي، وأصر على معتقدي أن الأعمال الفنية في سبيل البله ضرب من العذاب المؤسف، ولا يجمل بك أن تعترضني إذا قلت لك: إن ثمة لذة شديدة في العمل لأجل أشخاص يقدرون قدر الدقة في الفن، ويعرفون أن يتقبلوا جمال العمل ويكرموه. نعم، إن أجمل مكافأة يستطيع المرء أن يتناولها من عمله إنما هي الثناء على هذا العمل أو التصفيق له.
أستاذ الموسيقى :
أوافقك على ما تقول؛ فلا شيء في العالم ألذ من التصفيق والاستحسان على حد قولك، ولكن هذا البخور لا يطعم خبزا، فالثناء وحده لا يكفي الرجل، وعندي أن أفضل طرق الثناء هي طريقة اليد ... طريقة الدفع، وصاحبنا وإن يكن ضعيف العقل، ضئيل النور، يخبط في أحاديثه خبط عشواء، ويصفق عندما لا يفهم، إلا أن دراهمه ترفع مستوى عقله؛ لأن عقله في كيسه، فهو رجل مدرهم الثناء، أي أن في ثنائه دراهم، ولا شك في أن هذا المثري الجاهل أفضل في نظرنا من السيد الكبير المثقف الذي أدخلنا إلى هذا المكان.
أستاذ الرقص :
في قولك شيء من الحقيقة، على أني أراك تفرط في الاتكال على المال، في حين أن الفائدة نوع من الانحطاط يجب على الإنسان ألا يعيره أهمية كبيرة.
أستاذ الموسيقى :
بيد أنك تقبل - بطيبة خاطر - الدراهم التي يعطيك إياها صاحبنا؟
أستاذ الرقص :
دون ريب، ولكني لا أتخذها سببا لسعادتي، وإني لأتمنى لو جمع إلى دراهمه حسن الذوق في تفهم الأشياء.
أستاذ الموسيقى :
أشاطرك هذا التمني؛ ولأجل ذلك نحن عاملان بجد ونشاط، ولكن على الحالين أرى أن صاحبنا يفسح لنا السبيل لإظهار مواهبنا للعالم.
أستاذ الرقص :
ها هو قادم.
المشهد الثاني (السيد جوردان - خادمان - أستاذ الموسيقى - أستاذ الرقص - موسيقيون وراقصون)
السيد جوردان :
إذن ماذا أيها السيدان؟ أتريدان أن تسمعاني غرابتكما الصغيرة؟
أستاذ الرقص :
كيف؟ أية غرابة صغيرة؟
السيد جوردان :
كيف تسميان هذا الحوار أو هذه المقدمة في الموسيقى والرقص؟
أستاذ الرقص :
ها ها!
أستاذ الموسيقى :
نحن على أتم الاستعداد.
السيد جوردان :
لقد جعلتكما تنتظران قليلا؛ وما ذلك إلا لأني أحببت اليوم أن أرتدي كما يرتدي رجال الصفات الممتازة، ولقد أرسل إلي خياطي جوارب حريرية خلتني لن ألبسها.
أستاذ الموسيقى :
لسنا هنا إلا في انتظار مشيئتك.
السيد جوردان :
أرجو منكما ألا تذهبا قبل أن يحضر ثوبي لتستطيعا أن ترياني.
أستاذ الرقص :
إننا رهن إشارتك.
السيد جوردان :
ستريانني مرتديا كما ينبغي من قمة رأسي إلى باطن قدمي.
أستاذ الموسيقى :
لا نشك في ذلك أبدا.
السيد جوردان :
ولقد أمرت بأن تصنع لي هذه القماشة الهندية.
أستاذ الرقص :
إنها لجميلة جدا.
السيد جوردان :
قال لي خياطي: إن رجال الصفات الممتازة يظهرون هكذا كل صباح.
أستاذ الموسيقى :
إنها تليق بك جدا.
السيد جوردان (ينادي) :
خدمي! هلا! يا خادمي!
الخادم الأول :
ماذا تريد يا مولاي؟
السيد جوردان :
لا شيء، ناديت لأتأكد إن كنتما تسمعان صوتي. (للأستاذين)
ماذا تقولان في بزتي؟
أستاذ الرقص :
إنها لفي غاية الجمال.
السيد جوردان (يكشف رداءه فيظهر تحته قميص من المخمل الأحمر وبنطلون من المخمل الأزرق) :
وهذا أيضا قميص صغير أرتديه في الصباح.
أستاذ الموسيقى :
إنه لفي غاية ال ... جاذبية.
السيد جوردان :
يا خادمي!
الخادم الأول :
مولاي.
السيد جوردان :
يا خادمي الثاني!
الخادم الثاني :
مولاي.
السيد جوردان :
أمسكا ردائي ... كيف ترونني الآن؟
أستاذ الرقص :
حسنا جدا، لا يمكن الإنسان أن يكون أحسن من ذلك.
السيد جوردان :
أروني عملكم الآن.
أستاذ الموسيقى :
أود في الأول أن أسمعك لحنا وضعه أحد تلاميذي للحفلة التي اقترحتها علي، ولتلميذي هذا موهبة مدهشة ...
السيد جوردان (يقاطعه) :
نعم نعم، ولكن كان أحرى بك ألا تدع تلميذا يعمل هذا اللحن.
أستاذ الموسيقى :
لا ينبغي لك يا سيدي، أن تحتقر اسم التلميذ؛ فهذا النوع من التلامذة يعرف بفن الموسيقى كما يعرف به كبار الأساتذة، واللحن الذي نحن بصدده الآن في غاية الجمال، فاسمع.
السيد جوردان :
اعطني ردائي لأسمع جيدا ... ولكن انتظر؛ فربما كان أوفق بدون رداء ... لا، أعده إلي فقد غيرت فكري.
أحد الموسيقيين (ينشد) :
منذ ما أخضعت عيونك قلبي
وأنا في صبابتي أتألم
ما تراه يكون حظ الأعادي
منك إن كان ذا نصيب المغرم؟
السيد جوردان :
أغنية كئيبة تجلب النعاس، وإني لأود أن تشد أعصابها من هنا وهناك.
أستاذ الموسيقى :
يجب على اللحن أن يوافق الكلام يا سيدي.
السيد جوردان :
لقد تعلمت أغنية أجمل من هذه، انتظر ... هي هذه ... أتذكر كيف تبدأ؟
أستاذ الرقص :
وحقك لا!
السيد جوردان :
في داخلها خرفان.
أستاذ الرقص :
خرفان؟!
السيد جوردان :
نعم، آه! (ينشد) :
ظننتها كالجؤذر النعسان
أشد حسنا من غزال البان •••
ظننتها في لذة الرمان
وسهلة القيادة كالخرفان •••
إذا بها - وا حرقة الفتيان -
كالذئب أو كالنمر الغضبان
أليست جميلة؟
أستاذ الموسيقى :
أجمل أغنية في العالم.
أستاذ الرقص :
وتجيد إنشادها؟!
السيد جوردان :
وتصور أني لم أتعلم الموسيقى!
أستاذ الموسيقى :
ينبغي لك أن تتعلمها يا سيدي كما تتعلم الرقص؛ فالموسيقى والرقص هما فنان متحدان اتحادا متينا.
أستاذ الرقص :
ويفتحان عقل الرجل للأشياء الجميلة.
السيد جوردان :
وهل أصحاب الصفات الممتازة يتعلمون الموسيقى أيضا؟
أستاذ الموسيقى :
نعم يا سيدي.
السيد جوردان :
إذن سأتعلمها، ولكن لا أعلم أي وقت أستطيع أن أخصه بها؛ فلقد قاولت فضلا عن أستاذ البراز على أستاذ في الفلسفة سيبدأ هذا الصباح.
أستاذ الموسيقى :
الفلسفة شيء ... ولكن الموسيقى يا سيدي، الموسيقى!
أستاذ الرقص :
الموسيقى والرقص ... الموسيقى والرقص هما كل ما يحتاج إليه الإنسان.
أستاذ الموسيقى :
ليس في الدول شيء أفيد من الموسيقى.
أستاذ الرقص :
ليس في العالم شيء أكثر ضرورة للرجال من الرقص.
أستاذ الموسيقى :
لا تستطيع دولة أن تحيا بدون الموسيقى.
أستاذ الرقص :
وبدون الرقص لا يستطيع الرجل أن يأتي عملا.
أستاذ الموسيقى :
إن جميع ألوان الاضطرابات والحروب التي ترى في العالم لا تتأتى إلا من جهل الناس أصول الموسيقى.
أستاذ الرقص :
وجميع مصائب الرجال والحوادث المشئومة التي تطفح بها صفحات التواريخ، أضف إليها المنازعات السياسية وافتقار العالم إلى كبار القواد، لم تنجم إلا عن جهل الناس أصول الرقص.
السيد جوردان :
كيف ذلك؟
أستاذ الموسيقى :
ألا تتأتى الحرب عن عدم اتحاد الرجال؟
السيد جوردان :
هذا صحيح.
أستاذ الموسيقى :
فلو تعلم جميع الرجال الموسيقى، أفلا يجدون فيها وسيلة لهم للتكاتف وإيجاد السلامة العالمية؟
السيد جوردان :
الحق في جانبك.
أستاذ الرقص :
وعندما يقترف الرجل أحد الأخطاء في تصرفاته إن في مصالحه العائلية وإن في الحكومة أو في قيادة الجيش ألا يقال دائما: لقد خطا فلان خطوة عاثرة في المسألة الفلانية؟
السيد جوردان :
نعم، يقال ذلك.
أستاذ الرقص :
والخطوة العاثرة التي يخطوها الرجل ألا تنجم عن عدم معرفته أصول الرقص؟
السيد جوردان :
صحيح، الحق معكما جميعا.
أستاذ الرقص :
شرحنا لك ذلك لتفهم فائدة الرقص والموسيقى.
السيد جوردان :
فهمت ذلك الآن.
أستاذ الموسيقى :
أتريد أن ترى عملينا؟
السيد جوردان :
نعم.
أستاذ الموسيقى :
لقد سبق لي أن قلت: إنها تجربة صغيرة عملتها في الماضي في مختلف الشواعر التي تستطيع الموسيقى أن تعبر عنها.
السيد جوردان :
حسن جدا.
أستاذ الموسيقى (للموسيقيين) :
هيا تقدموا. (لجوردان)
يجب أن تفترض أنهم متزيون بزي الرعاة.
السيد جوردان :
لماذا هولاء الرعاة دائما؟
أستاذ الموسيقى :
عندما يكون لدينا أشخاص نريد أن نجعلهم يتكلمون في الموسيقى ينبغي لنا أن نلبسهم لباس رعاة؛ لأن الغناء قد نسب إليهم في كل زمن، وليس من الطبيعي في الحوار أن يعمد الأمراء أو الأغنياء إلى إنشاد ميولهم.
السيد جوردان :
هيا! هيا! (موسيقية وموسيقيان ينشدون.)
السيد جوردان :
هذا كل شيء؟
أستاذ الموسيقى :
نعم.
السيد جوردان :
لا بأس بهذا اللحن؛ ففيه نبرات صغيرة غاية في الجمال.
أستاذ الرقص :
أما أنا فسأريك الآن تجربة صغيرة في أجمل الحركات التي يستطيع فن الرقص أن يخلقها.
السيد جوردان :
وهل هناك رعاة أيضا؟
أستاذ الرقص :
سترى ما يعجبك، هيا. (أربعة من الراقصين يقومون بجميع الحركات المتباينة، وجميع أنواع الخطى التي يأمرهم بها الأستاذ.) (الستار)
الفصل الثاني
المشهد الأول (السيد جوردان - أستاذ الموسيقى - أستاذ الرقص - خادم)
السيد جوردان :
جميل هذا الرقص، ليس أبله هذا الرقص.
أستاذ الموسيقى :
وعندما يمتزج الرقص بالموسيقى يكون أحسن وقعا من ذلك، وستجد في الحفلة التي أعددناها لك برهانا قويا على ما أقول.
السيد جوردان :
يجب أن تعجلوا بها؛ لأن الشخص الذي عملت كل ذلك لأجله سيشرفني بتناوله الغداء هنا.
أستاذ الرقص :
كل شيء مهيأ.
أستاذ الموسيقى :
يبقى علي أن أقول لك: إن هذا كله لا يكفي؛ فيجب على من يكون مثلك رجلا سخي اليد ميالا إلى الأشياء الجميلة أن يقيم في داره حفلة موسيقية كل يوم أربعاء ويوم خميس.
السيد جوردان :
وهل يقيم أصحاب الصفات الممتازة مثل هذه الحفلة؟
أستاذ الموسيقى :
نعم يا سيدي.
السيد جوردان :
سأقيمها إذن، وهل تحل محلا جميلا؟
أستاذ الموسيقى :
بدون ريب.
السيد جوردان :
حسنا، ولكن لا تنس أن ترسل إلي عددا من الموسيقيين ليغنوا على المائدة.
أستاذ الموسيقى :
سنرسل إليك ما تريد.
السيد جوردان :
ويجب أن تكون الحفلة على أتم ما يكون.
أستاذ الموسقى :
ستكون مسرورا جدا.
السيد جوردان (لأستاذ الرقص) :
وعلى ذكر الرقص؛ علمني كيف يجب أن أنحني لأحيي مركيزة ... سأحتاج إلى ذلك قريبا.
أستاذ الرقص :
كيف يجب أن تنحني لتحيي مركيزة؟
السيد جوردان :
نعم، مركيزة تدعى دوريمين.
أستاذ الرقص :
أعطني يدك.
السيد جوردان :
لا؛ فما عليك إلا أن تفعل لأتعلم.
أستاذ الرقص :
إذا شئت أن تحييها بكثير من الاحترام، فيبنغي لك أولا أن تنحني إلى الوراء، ثم تمشي نحوها منحنيا ثلاث مرات إلى الأمام، وفي المرة الأخيرة تنحني إلى ركبتيها.
السيد جوردان :
افعل لأرى.
الخادم الأول :
هو ذا أستاذ البراز قد جاء يا سيدي.
السيد جوردان :
قل له يدخل ليعطيني الأمثولة في هذا المكان؛ فأريد أن تروني أفعل.
المشهد الثاني (أستاذ البراز - أستاذ الرقص - أستاذ الموسيقى - السيد جوردان - خادمان)
أستاذ البراز (بعد أن يضع السيف في يد جوردان) :
هيا يا سيدي فلنبدأ بأصول التحية، الجسد مستقيم، قليل الانحناء على الردف الأيسر، قدماك على خط واحد، يدك على خصرك، رأس سيفك تجاه كتفك، لا تبسط ذراعك إلى هذه الدرجة، اليد اليسرى في مرتفع العين، اثقب نظرك، تقدم، ليكن جسدك ثابتا، المسني بسيفك، اقفز إلى الوراء، واحد، اثنان، تقدم، أثبت جسدك، تقدم، واحد اثنان، راجع الكرة، وثبة إلى الوراء، الحذر، الحذر يا سيدي! (يطعنه بضع طعنات وهو يقول له: الحذر!)
السيد جوردان :
أوه!
أستاذ الموسيقى :
إنك تعمل عجائب!
أستاذ البراز :
لقد سبق أن قلت لي إن جميع أسرار البراز تنحصر في أمرين، وهما أن يعطي الرجل ولا يأخذ، وبحسب البرهان الحسي الذي أعطيتكم إياه منذ أيام؛ يستحيل على الرجل أن يأخذ إذا هو أجاد تحويل سيف الخصم عن جسده، وهذا يتوقف على حركة صغيرة من اليد.
السيد جوردان :
إذن بهذه الطريقة يستطيع الرجل أن يقتل خصمه ولا يقتل وإن يكن بلا قلب؟
أستاذ البراز :
بلا ريب، أفلم تر البرهان؟
السيد جوردان :
بلى.
أستاذ البراز :
وفي هذا دليل واضح على أن فن البراز أفضل بكثير من جميع الفنون التي لا فائدة منها كالرقص والموسيقى وال ...
أستاذ الرقص (يقاطعه) :
على رسلك يا حضرة ممتشق السلاح ولا تتكلم عن الرقص إلا باحترام.
أستاذ الموسيقى :
وأرجو من حضرتك أن تتعلم احترام الموسيقى.
أستاذ البراز :
إنه لمن المضحك أن تشبها فنيكما بفني.
أستاذ الموسيقى :
يظهر أنك كثير الادعاء!
أستاذ الرقص :
يا لك حيوانا مضحكا!
أستاذ البراز :
سأرقصك كما يجب أن ترقص يا حضرة أستاذي الراقص الصغير، وأنت يا موسيقي الصغير سأجعلك تنشد بشكل لطيف.
أستاذ الرقص :
سأعلمك مهنتك يا حضرة الضارب بالحديد.
السيد جوردان (لأستاذ الرقص) :
أمجنون أنت لتخاصم رجلا يستطيع أن يقتل خصمه بالبرهان الحسي؟
أستاذ الرقص :
إني أسخر من برهانه الحسي ومن جميع ترهاته.
السيد جوردان :
بهوادة ... بهوادة قلت لك.
أستاذ البراز :
ماذا تقول؟ يا لك غافلا صغيرا!
السيد جوردان :
بهوادة ...
أستاذ الرقص :
ماذا تقول؟ يا لك حصانا ضخما مربوطا بعجلة.
السيد جوردان (لأستاذ البراز) :
بهوادة ...
أستاذ البراز :
إذن هجمت عليك ...
السيد جوردان :
بهوادة ...
أستاذ الرقص :
إذن ألقيت عليك يدي ...
السيد جوردان :
بهوادة ...
أستاذ البراز :
أحطمك بطريقة ...
السيد جوردان :
أتوسل إليك!
أستاذ الرقص :
أعصرك بشكل ...
السيد جوردان :
أرجوك ...
أستاذ الرقص :
دعنا نعلمه فن الكلام.
السيد جوردان :
يا الله! تمهلوا.
المشهد الثالث (أستاذ الفلسفة - أستاذ الرقص - أستاذ الموسيقى - أستاذ البراز - السيد جوردان)
السيد جوردان :
هولا ، سيدي الفيلسوف، لقد جئت بوقتك، فتعال ضع السلام بين هؤلاء السادة.
أستاذ الفلسفة :
ماذا جرى؟ ماذا جد أيها السادة؟
السيد جوردان :
لقد اختلفوا على أفضلية فنونهم، فغضب بعضهم على بعض وراحوا يتشاتمون حتى أوشكوا أن يتماسكوا بالأيدي.
أستاذ الفلسفة :
ماذا أيها السادة؟ أمن الحكمة أن يصل بكم الغضب إلى هذا الحد؟ ألم تقرأوا الرسالة التي وضعها سنيكا عن الغضب؟ وهل ثمة أحط وأخجل من هذه العاطفة الممقوتة التي تجعل من الرجل حيوانا مفترسا؟ ماذا؟ ألا ينبغي للعقل أن يسود جميع حركاتنا؟
أستاذ الرقص :
كيف؟ لقد شتم كلا منا باحتقاره الرقص الذي أحترفه والموسيقى التي يعلمها.
أستاذ الفلسفة :
إن الرجل الحكيم هو دائما فوق الشتائم التي توجه إليه، وأعظم جواب على الشتيمة هو الهوادة والصبر.
أستاذ البراز :
لقد تجاسر كلاهما على أن يشبها مهنتيهما بمهنتي.
أستاذ الفلسفة :
وهل في هذا بأس عليك؟ لا ينبغي للرجل أن يخاصم أخاه على المجد الباطل، والذي يميزنا بعضنا عن بعض إنما هو العقل والحكمة والفضيلة.
أستاذ الرقص :
لقد أكدت له أن الرقص علم شريف ...
أستاذ الموسيقى :
وأكدت له أنا أن الموسيقى علم احترمته جميع العصور.
أستاذ البراز :
وأكدت لهما أنا بدوري أن علم البراز إنما هو أجمل العلوم وأفضلها جميعا.
أستاذ الفلسفة :
إذن ماذا أبقيتم للفلسفة؟ أراكم جميعا سخفاء، كيف تجرءون أن تتكلموا أمامي بهذه اللهجة الوقحة وتعطوا اسم علم لأشياء لا تستحق أن تشرف حتى بلقب فن، ولا ينبغي أن يطلق عليها إلا أسماء مهن بائسة يمتهنها المصارعون والمغنون والطوافون؟
أستاذ البراز :
اخرس يا فيلسوف الكلب!
أستاذ الموسيقى :
اخرس يا فيلسوف الادعاء!
أستاذ الرقص :
اخرس أيها البطن المهذار؟
أستاذ الفلسفة :
ماذا؟ يا لكم أغبياء! (يهجم عليهم فينقضون عليه بالضرب.)
السيد جوردان :
يا حضرة الفيلسوف!
أستاذ الفلسفة :
وحوش! خبثاء! مجرمون!
السيد جوردان :
يا حضرة الفيلسوف!
أستاذ البراز :
طاعون! حيوان!
السيد جوردان :
أيها السادة!
أستاذ الفلسفة :
وقحاء!
السيد جوردان :
يا حضرة الفيلسوف!
أستاذ الرقص :
اذهب إلى الجحيم يا حمار!
السيد جوردان :
أيها السادة!
أستاذ الفلسفة :
قتلة ! لصوص!
السيد جوردان :
يا حضرة الفيلسوف!
أستاذ الموسيقى :
إلى الشيطان أيها الأبله!
السيد جوردان :
أيها السادة!
أستاذ الفلسفة :
متشردون! خداعون! كذابون! (يخرجون وهم يقتتلون.)
السيد جوردان :
يا حضرة الفيلسوف، أيها السادة، يا حضرة الفيلسوف، أيها السادة، يا حضرة الفيلسوف. أوه! تقاتلوا ما شئتم فلن أكلف نفسي تمزيق ردائي لأفرق بينكم.
المشهد الرابع (أستاذ الفلسفة - السيد جوردان)
أستاذ الفلسفة (مصلحا طوقه) :
لنرجع إلى أمثولتنا.
السيد جوردان :
آه يا حضرة السيد! إني شديد الأسف للضربات التي تلقيتها.
أستاذ الفلسفة :
لا بأس؛ فالفيلسوف يعرف أن يتلقى الأشياء كما يجب أن يتلقاها، وسأنظم في هؤلاء قصيدة هجائية على طريقة جوفنال تمزقهم تمزيقا، ولكن دعنا منهم الآن، ماذا تريد أن تتعلم؟
السيد جوردان :
كل ما أستطيع أن أتعلمه؛ إذ أني أرغب رغبة شديدة في أن أصير من العلماء، ولكم أراني غاضبا لأن والدي ووالدتي لم يلقناني جميع أنواع العلوم إذ كنت صغيرا.
أستاذ الفلسفة (صحيح) :
نام سين دو كترينا فيتا إست كازي مورتيس إيماكو، هل فهمت ذلك؟ إنك ولا ريب تفهم اللاتيني.
السيد جوردان :
نعم، ولكن افرض أني لا أفهمه، واشرح لي معنى هذه الكلمات.
أستاذ الفلسفة :
معناها أن الحياة بدون العلم هي شبه صورة من صور الموت.
السيد جوردان :
هذا اللاتيني مصيب بكلامه.
أستاذ الفلسفة :
ألا تملك بعض مبادئ أولية في العلوم؟
السيد جوردان :
أوه! بلى! أعرف أقرأ وأكتب.
أستاذ الفلسفة :
بأي شيء تريد أن نبدأ؟ أتريد أن أعلمك المنطق؟
السيد جوردان :
ما هو هذا المنطق؟
أستاذ الفلسفة :
هو الذي يعلم عمليات العقل الثلاث.
السيد جوردان :
ما هي هذه العمليات الثلاث؟
أستاذ الفلسفة :
الأولى والثانية والثالثة؛ فالأولى: هي الإدراك بطريقة الكليات، والثانية: هي التمييز بطريقة الأصناف، والثالثة: هي الافتراض بطريقة الأقيسة المنطقية.
السيد جوردان :
هذا المنطق لا يوافقني؛ فلنتعلم شيئا آخر أجمل من هذا.
أستاذ الفلسفة :
أتريد أن تتعلم الحكمة؟
السيد جوردان :
الحكمة؟
أستاذ الفلسفة :
نعم.
السيد جوردان :
ماذا تقول هذه الحكمة؟
أستاذ الفلسفة :
إنها تعلم البشر تلطيف ميولهم و...
السيد جوردان :
لا، فلندع هذا العلم؛ فأنا مستقل كجميع الشياطين ولا أجد حكمة توقفني عند حد. بل أريد أن أستسلم للغضب ساعة أريد.
أستاذ الفلسفة :
إذن تريد أن تتعلم الطبيعيات؟
السيد جوردان :
ماذا تعني الطبيعيات؟
أستاذ الفلسفة :
الطبيعيات هي التي تشرح مبادئ الأشياء الطبيعية وخصائص الأجسام، والتي تعلمنا أسباب العلامات الجوية كالبروق والعواصف والصواعق والشتاء والثلج والبرد والأهوية والزوابع.
السيد جوردان :
لا، لا، في هذا ضجيج شديد ودوي هائل.
أستاذ الفلسفة :
ماذا تريد أن أعلمك إذن؟
السيد جوردان :
علمني الإملاء.
أستاذ الفلسفة :
بطيبة خاطر.
السيد جوردان :
وبعد ذلك تعلمني الروزنامة لأعرف متى يكون القمر ومتى لا يكون.
أستاذ الفلسفة :
حسنا، إذن فلكي أنفذ مشيئتك وأطبق هذه المادة على الفلسفة ينبغي أن نبدأ بمعرفة طبيعة الأحرف الأبجدية وطريقة لفظها، وعلى هذا أقول لك إن الأحرف الأبجدية تنقسم إلى اثنين: الأحرف الشفهية وهي التي تخرج من الشفتين، والأحرف الحلقية وهي التي تخرج من الحلق.
السيد جوردان :
أعرف ذلك.
أستاذ الفلسفة :
يوجد اثنان وعشرون حرفا شفهيا وهي: ألف باء تاء ثاء جيم دال ذال راء زاي سين شين صاد ضاد طاء ظاء فاء قاف كاف لام ميم واو ياء.
السيد جوردان :
واو ياء، ياء واو، جميل جدا.
أستاذ الفلسفة :
أما الواو فلكي تجيد لفظها ينبغي لك أن تفتح شفتيك وتطبقهما: واو ...
السيد جوردان :
واو ... واو ... صحيح، ليحي العلم!
أستاذ الفلسفة :
وإذا شئت أن تهزأ بأحد فما عليك إلا أن تقول له في وجهه: واو ... واو ... لتنال منه وتزعجه.
السيد جوردان :
واو ... واو ... صدقت! آه! لماذا لم أتعلم كل هذا منذ الصغر؟ واو ... جميل جدا، إنك لرجل حاذق ممتاز.
أستاذ الفلسفة :
وسأشرح لك غدا جميع هذه الأحرف الأبجدية.
السيد جوردان :
أتوسل إليك أن تسمع هذه المطارحة مني، إني عاشق هائم بأنثى من أصحاب الصفات الممتازة، وأرغب جدا في أن تساعدني على كتابة شيء لها على ورقة صغيرة أريد أن أدعها تسقط على قدميها.
أستاذ الفلسفة :
حسنا.
السيد جوردان :
ألا ترى ذلك لطيفا؟
أستاذ الفلسفة :
بدون ريب، أتريد أن تكتب لها شعرا أم نثرا؟
السيد جوردان :
لا، لا أريد شعرا.
أستاذ الفلسفة :
لا تريد إلا نثرا؟
السيد جوردان :
لا، لا أريد نثرا ولا شعرا.
أستاذ الفلسفة :
يجب أن يكون هذا أو ذاك.
السيد جوردان :
لماذا؟
أستاذ الفلسفة :
لأن ثمة طريقتين للتعبير هما النثر والشعر.
السيد جوردان :
ألا يستطيع الإنسان أن يعبر عن أفكاره بسوى النثر والشعر؟
أستاذ الفلسفة :
لا يا سيدي، فكل ما ليس شعرا هو نثر، وكل ما ليس نثرا هو شعر.
السيد جوردان :
وعندما نتكلم ماذا يدعى ذلك؟
أستاذ الفلسفة :
نثرا.
السيد جوردان :
ماذا؟ عندما أقول: «نيقول أحضري لي مشايتي وأعطيني قبعة النوم»، أتسمي هذا نثرا؟
أستاذ الفلسفة :
نعم يا سيدي.
السيد جوردان :
وحقك! لقد مضى علي أربعون سنة وأنا أتكلم نثرا من غير أن أشعر، إني لمدين لك بهذه المفاجأة، إذن أريد أن أضع لها على ورقة هذه الكلمات «إن عينيك الجميلتين تيمتانني حبا أيتها المركيزة الجميلة» ولكن أرغب في أن توضع هذه الكلمات بطريقة لطيفة ... بتعبير جذاب.
أستاذ الفلسفة :
تريد أن تقول: إن نيران عينيها تحيل قلبك إلى رماد، وإنك ليل نهار تقاسي من أجلها ...
السيد جوردان :
لا، لا، لا أريد كل هذا، بل الذي قلته لك: «إن عينيك الجميلتين تيمتانني حبا أيتها المركيزة الجميلة.»
أستاذ الفلسفة :
ولكن يجب أن تتوسع قليلا بالموضوع.
السيد جوردان :
قلت لك لا ... لا أريد على الورقة إلا هذه الكلمات، ولكني أريدها على الطريقة الحديثة، هل لك أن تسمعني التعابير المختلفة التي يستطاع أن توضع بها هذه الكلمات؟
أستاذ الفلسفة :
نستطيع أن نضعها أولا بالطريقة التي قلتها: «إن عينيك الجميلتين تيمتانني حبا أيتها المركيزة الجميلة»، أو بهذه الطريقة: «حبا تيمتاني أيتها المركيزة الجميلة إن عينيك الجميلتين»، أو بالطريقة التالية: «تيمتاني أيتها المركيزة الجميلة إن عينيك الجميلتين حبا»، أو بهذه الطريقة الأخرى: «حبا إن عينيك الجميلتين أيتها المركيزة الجميلة تيمتاني».
السيد جوردان :
ولكن أية طريقة أفضل من الأخرى من بين هذه الطرق؟
أستاذ الفلسفة :
الطريقة التي عملتها أنت «إن عينيك الجميلتين تيمتانني حبا أيتها المركيزة الجميلة».
السيد جوردان :
بيد أني لم أتعلم، ولقد عملت ذلك دفعة واحدة.
أشكرك من صميم قلبي وأرجو منك أن تبكر غدا في الحضور.
أستاذ الفلسفة :
لن أتأخر.
السيد جوردان (لخادمه) :
كيف؟ ألم يحضر ردائي بعد؟
الخادم :
لا يا مولاي.
السيد جوردان :
إن هذا الخياط الملعون يرغمني على الانتظار في أحرج أوقاتي، ألا فلتنزل حمى التيفوئيد على هذا الخياط الملعون، ليخنقه الطاعون. آه لو اجتمعت الآن بهذا الخياط الممقوت، بهذا الخياط الكلب، بهذا الخياط الخائن!
المشهد الخامس (الخياط - تلميذ الخياط (يحمل رداء السيد جوردان) - السيد جوردان - خادمان)
السيد جوردان :
حضرت؟ كنت أوشكت أن أغضب عليك.
الخياط :
لم أستطع الحضور قبل الآن، ولقد شغلت عشرين ولدا في ردائك.
السيد جوردان :
أرسلت إلي أجربة حريرية ضيقة قاسيت أهوالا شديدة في وضعها بقدمي، ولقد تمزق زوجان منها، ثم إنك جعلتني أصنع حذاء يجرحني كلما احتذيته.
الخياط :
لا، أبدا يا سيدي.
السيد جوردان :
كيف لا أبدا؟
الخياط :
لا، لا يجرحك.
السيد جوردان :
قلت لك إنه يجرحني ... أنا.
الخياط :
إنك تتصور ذلك.
السيد جوردان :
أتصوره لأني أحس به، هذه مسألة عقلية.
الخياط :
هو ذا أجمل رداء في البلاط، وهو رائعة من روائع الفن.
السيد جوردان :
ما هذا؟ وضعت الأزهار نزولا؟
الخياط :
لم تقل لي: إنك تريدها صعودا.
السيد جوردان :
وهل ينبغي أن أقول ذلك؟
الخياط :
نعم؛ لأن جميع أصحاب الصفات الممتازة يضعون الأزهار بهذه الطريقة.
السيد جوردان :
أصحاب الصفات الممتازة يضعون الأزهار نزولا؟
الخياط :
نعم يا سيدي.
السيد جوردان :
أوه، إذن هذا حسن.
الخياط :
وإذا شئت فسأضعها صعودا.
السيد جوردان :
لا، لا.
الخياط :
ليس عليك إلا أن تقول.
السيد جوردان :
قلت لك لا، فلقد أحسنت عملا. أتظن أن ردائي يليق بي؟
الخياط :
معجزة من معجزات الفن.
السيد جوردان (وهو ينظر إلى ثوب الخياط) :
ها ها! رداؤك هذا من القماشة التي عملت منها رداء لي في المرة الأخيرة.
الخياط :
ذلك لأن القماشة أعجبتني إلى درجة أني أردت أن أصنع منها ثوبا لي.
السيد جوردان :
نعم، ولكن لم يكن جديرا بك أن تصنع ثوبك كثوبي.
الخياط :
أتريد أن تلبس رداءك؟
السيد جوردان :
نعم، هاته.
الخياط :
انتظر، فلقد صحبت معي جمهورا ليلبسك إياه، فهذا النوع من الثياب يرتدى بين مظاهر الأبهة. هولا! ادخلوا جميعكم، وألبسوا حضرة السيد رداءه بالطريقة التي تعالجونها في أصحاب الصفات الممتازة. (يدخل أربعة خياطين ويأخذون بنزع الثياب عن جوردان وإلباسه الرداء الجديد، عند هذا يجعل السيد جوردان يتمشى بينهم وهم يرقصون.)
تلميذ خياط :
أعط التلاميذ بخشيشا يا مولاي.
السيد جوردان :
ماذا سميتني؟
تلميذ خياط :
مولاي.
السيد جوردان :
مولاي! جميل هذا! ثقوا أنكم لو صرفتم حياتكم في ارتداء مثل هذا الثوب لم تسمعوا من أحد لقب «مولاي».
خذوا هذا جزاء «مولاي!»
تلميذ خياط :
شكرا لك يا صاحب السيادة.
السيد جوردان :
صاحب السيادة! هو هو! صاحب السيادة! انتظر يا صاحبي، فصاحب السيادة يستحق أشياء كثيرة ... خذ، هذه عطية صاحب السيادة.
تلميذ خياط :
سنشرب نخب عظمتك يا صاحب السيادة.
السيد جوردان :
عظمتك! هو هو هو! انتظروا لا تخرجوا، وخذوا جزاء هذا اللقب العظيم.
تلميذ خياط :
إنا لشاكرون صاحب السيادة على عطاياه الجزيلة. (الستار)
الفصل الثالث
المنظر الأول
المشهد الأول (السيد جوردان - الخادمان)
السيد جوردان :
اتبعاني؛ فيجب أن أطوف في شوارع المدينة ليرى الناس ردائي، ويجب عليكما أن تسيرا توا ورائي ليتأكد الناس أنكما لي أنا وحدي.
الخادمان :
نعم يا سيدي.
السيد جوردان :
ناديا نيقول لأعطيها بعض الأوامر، لا تتحركا فها هي.
المشهد الثاني (نيقول - السيد جوردان - الخادمان)
السيد جوردان :
نيقول!
نيقول :
ماذا يريد مولاي؟ (تضحك)
هي هي.
السيد جوردان :
ما بك تضحكين؟
نيقول (تضحك) :
هي هي هي هي.
السيد جوردان :
ماذا تقصد هذه العفريتة؟
نيقول :
هي هي هي إنك مبني بناء ... هي هي هي.
السيد جوردان :
كيف ذلك؟
نيقول :
آه يا الله! هي هي هي هي هي.
السيد جوردان :
ما هذه اللصة؟ أتضحكين مني؟
نيقول :
لا يا مولاي، إني آسفة جدا على هذا الضحك ... هي هي هي هي هي.
السيد جوردان :
إذا واظبت على الضحك أصفعك على أنفك صفعة ...
نيقول :
لا أستطيع أن أملك نفسي يا مولاي ... هي هي هي هي.
السيد جوردان :
ألا تكفين؟
نيقول :
اعذرني يا سيدي، ولكنك مضحك إلى درجة لا أستطيع معها امتلاك نفسي، هي هي هي هي.
السيد جوردان :
ولكن انظروا هذه الوقاحة!
نيقول :
إنك مدهش بزيك هذا، هي هي.
سيد جوردان :
أقسم ...
نيقول :
أرجو منك أن تعذرني، هي هي هي هي.
السيد جوردان :
إذا بقيت تضحكين أقسم لك أني أصفعك على وجهك صفعة لم يذق مثلها أحد بعد.
نيقول :
إذن لقد انتهيت، لن تراني أضحك بعد.
السيد جوردان :
خذي حذرك؛ فيجب عليك أن تنظفي ...
نيقول :
هي هي.
السيد جوردان :
أن تنظفي تنظيفا ...
نيقول :
هي هي.
السيد جوردان :
قلت لك يجب عليك أن تنظفي ... القاعة.
نيقول :
هي هي.
السيد جوردان :
وأخيرا؟
نيقول :
اسمع يا مولاي، أفضل أن تضربني على ألا تدعني أضحك كما أريد؛ فالضحك يقيدني جدا، هي هي هي هي هي.
السيد جوردان :
يا للفظاعة!
نيقول :
عفوك يا مولاي ودعني أضحك، هي هي هي.
السيد جوردان :
إذن أمسكت بك ...
نيقول :
هي هي هي هي هي هي.
السيد جوردان :
هل رأى أحد شقية مثل هذه، تضحك في أنفي بدل أن تأخذ أوامري؟
نيقول :
ماذا تريد أن أعمل يا سيدي؟
السيد جوردان :
أن تفكري أيتها العفريتة في ترتيب بيتي للزوار القادمين بعد هنيهة.
نيقول :
آه! لم يبق لي طاقة على الضحك؛ فقدوم هؤلاء الزوار المطبلين المزمرين كاف لأن يوقفني عن الضحك ويجعلني في حالة تشاؤم شديد.
السيد جوردان :
أوتريدين أن أقفل باب بيتي في وجه جميع الناس لأجلك؟
نيقول :
ينبغي لك على الأقل أن تقفله في وجه بعض هؤلاء.
المشهد الثالث (زوجة جوردان - السيد جوردان - نيقول - خادمان)
زوجة جوردان :
ها ها! هذه حكاية جديدة، ما هي هذه الخلعة التي عليك يا زوجي؟ هل جهزت نفسك بهذا الشكل لتضحك منك الناس، وهل يروقك أن يهزأ بك العابرون في كل مكان؟
السيد جوردان :
لا يهزأ بي يا زوجتي إلا الأغبياء والغبيات.
زوجة جوردان :
ولكن الناس لم ينتظروا إلى اليوم ليضحكوا منك؛ فكثيرا ما أضحكتهم الطرق التي تستعملها.
السيد جوردان :
من هم هؤلاء الناس؟ أجيبيني لأرى.
زوجة جوردان :
هؤلاء الناس قوم مصيبون وهم أعقل منك، أما أنا فقد أصبحت كثيرة الشكوك بهذه الحياة التي تسلكها، ولم أبق أعرف كيف صار هذا البيت، فقد يظن الداخل إليه أنه مسرح تمثل عليه المرافع كل يوم؛ إذ لا تبزغ الشمس حتى يسمع الناس ضجيج الكمنجات ودوي الغناء صاعدين من هذا المكان المقلق.
نيقول :
إن سيدتي مصيبة بما تقول؛ فلم أبق أرى البيت نظيفا مع هؤلاء الذين تصحبهم إليه كل يوم والذين يحملون أرجلهم كل أوحال المدينة ليرموها هنا.
السيد جوردان :
اصمتي أيتها الخادمة ... يا خادمتنا نيقول؛ فأنت قروية ليس أكثر!
زوجة جوردان :
إن نيقول مصيبة بما تقول، وأرى أن عقلها أفضل من عقلك، لا أعرف ماذا تريد أن تستفيد من أستاذ الرقص في سنك هذه.
نيقول :
ومن أستاذ في البراز يأتي إلى هذا المكان بدويه المزعج ليقلق راحة البيت ويحطم زجاج القاعة ... قاعتنا.
السيد جوردان :
اخرسي يا خادمتي ويا زوجتي.
زوجة جوردان :
أتراك تريد أن تتعلم الرقص وتكاد قدماك لا تحملانك؟
نيقول :
وهل تريد أن تقتل أحدا؟
السيد جوردان :
اخرسا، قلت لكما اخرسا، إنكما جاهلتان لا تفهمان مزية هذا كله.
زوجة جوردان :
كان الأحرى بك أن تفكر في ابنتك التي توشك أن تصبح عانسا.
السيد جوردان :
سأفكر في زواج ابنتي عندما يتقدم أحد لطلب يدها، ولكني أريد أن أتعلم أيضا الأشياء الجميلة.
نيقول :
ولقد سمعت يا سيدتي أنه استحضر اليوم أستاذا في الفلسفة.
السيد جوردان :
بدون ريب؛ فأنا أرغب في معرفة الأشياء العقلية، وأريد أن أتعلم فن التحليل بين أصحاب الصفات الممتازة.
زوجة جوردان :
والمدرسة؟ ألا تذهب إليها يوما من الأيام فتعفر بضربات السوط في سنك هذه؟
السيد جوردان :
ولم لا؟ إني لأتمنى لو قدر لي الآن أن أتناول مائة سوط أمام الجميع وأن أتعلم ما يقال في المدارس.
نيقول :
صحيح؛ فضربات السياط تصلح فخذيك.
السيد جوردان :
بدون ريب.
زوجة جوردان :
وأرى أن ضربات السوط ضرورية لك في إدارة بيتك.
السيد جوردان :
بدون ريب، إنكما تتكلمان كالبهائم، وإني لشديد الخجل من جهلكما. (لزوجته)
أتعرفين مثلا ماذا يسمى هذا الذي تتلفظين به الآن؟
زوجة جوردان :
نعم أعرف أن الذي أقوله الآن هو عين الحقيقة، وأن الواجب يقضي عليك بأن تغير طريقة حياتك.
السيد جوردان :
لم أقصد ذلك، بل سألتك ما هو الكلام الذي تلفظت به هنا؟
زوجة جوردان :
هو كلام معقول، على أن تصرفاتك ليست معقولة.
السيد جوردان :
قلت لك لم أقصد ذلك، بل سألتك ماذا يسمى الكلام الذي أقوله لك في هذه الساعة؟
زوجة جوردان :
ماذا؟
السيد جوردان :
ماذا تسمين هذه الألفاظ؟
زوجة جوردان :
إنها تسمى كما نريد أن نسميها.
السيد جوردان :
إنها تسمى النثر أيتها الجاهلة.
زوجة جوردان :
النثر؟
السيد جوردان :
نعم، النثر! فكل ما هو نثر ليس شعرا، وكل ما هو شعر ليس نثرا، هذه نتيجة الدرس. (لنيقول)
وأنت أتعرفين كيف يجب أن تعملي لتلفظي الواو؟
نيقول :
كيف؟
السيد جوردان :
كيف يجب أن تعملي لتلفظي حرف الواو؟
نيقول :
ماذا؟
السيد جوردان :
قولي واو لأرى.
نيقول :
طيب، واو.
السيد جوردان :
حسنا، ولكن عندما تقولين واو ماذا تعملين؟
نيقول :
أعمل ما تقوله لي أنت.
السيد جوردان :
إنه لمن الأشياء المزعجة أن يتكلم الإنسان مع البهائم، اسمعي: تفتحين شفتيك ثم تطبقينهما هكذا: واو ... وإذا شئت أن تسخري من أحد خصومك تقولين له في وجهه: واو ...
نيقول :
هذا حسن جدا ...
زوجة جوردان :
هذا بديع.
السيد جوردان :
ماذا تقولان إذن لو سمعتما الباء والتاء والثاء؟
زوجة جوردان :
ولكن ما معنى هذه السخافات كلها؟
نيقول :
من أي شيء تشفي هذه السخافات؟
السيد جوردان :
إني لأستشيط غضبا عندما أرى نساء جاهلات!
زوجة جوردان :
اخرس! كان يجب عليك أن تطرد هؤلاء الناس مع جميع سخافاتهم ومساخرهم.
نيقول :
لا سيما ذلك الأستاذ في البراز الذي يملأ البيت غبارا وضجيجا.
السيد جوردان :
اخرسي! إن أستاذ البراز هذا يضغط على قلبك، وسأريك بعينك مقدار جهلك أيتها الحمقاء (يستحضر إليه سيفين فيعطي أحدهما لنيقول ويبقي الآخر في يده)
اسمعي: البرهان الحسي واستقامة الجسد، عندما أطعن تعملين هكذا، وعندما تطعنين أعمل هكذا. وهذه لعمري أفضل طريقة يستطيع معها الإنسان التملص من القتل، اطعنيني قليلا لأرى.
نيقول :
حسنا (تطعنه بضع طعنات) .
السيد جوردان :
بهوادة، هولا ... بهوادة، يا لك شقية!
نيقول :
ولكنك طلبت مني أن أطعنك.
السيد جوردان :
نعم، ولكنك لم تصبري حتى آخد حذري.
زوجة جوردان :
إنك مجنون يا زوجي بخيالاتك هذه، ولقد صرت مجنونا منذ أخذت تعاشر النبلاء.
السيد جوردان :
عندما أعاشر النبلاء أظهر مقدرتي، وهذا أجمل بكثير من أن أعاشرك أنت.
زوجة جوردان :
صدقت؛ فهناك فائدة كبيرة لك من معاشرة نبلائك، ولقد أحسنت فعلا بملازمتك لذلك الكونت الجميل ...
السيد جوردان :
اخرسي، إنه قادم إلى هنا.
زوجة جوردان :
أخذه الشيطان!
السيد جوردان :
اخرسي قلت لك.
المشهد الرابع (دورانت - السيد جوردان - زوجة جوردان - نيقول)
دورانت (يدخل قائلا) :
يا صديقي السيد جوردان، كيف حالك اليوم؟
السيد جوردان :
على أحسن منوال يا سيدي لأستطيع أن أقدم لك خدماتي الصغيرة.
دورانت :
وسيدتي مدام جوردان التي هي هنا كيف حالها؟
زوجة جوردان :
مدام جوردان هي كما تريد أن تكون.
دورانت :
ما هذا يا سيد جوردان؟ أراك أنظف ما تكون.
السيد جوردان :
أرأيت؟
دورانت :
إن هذا الزي لأصلح ما يكون لك، وليس عندنا في البلاط شبان أجمل زيا منك.
السيد جوردان :
هي هاي!
زوجة جوردان (على حدة) :
يحك له حيث يرعاه.
دورانت (لجوردان بصوت منخفض) :
لم أرك منذ ثمانية أيام لأطلعك على أخبار الجوهرة التي سلمتها إلي لأقدمها هدية للمركيزة من قبلك؛ ولكن سبب ذلك هو أني قاسيت جميع مشقات العالم لأستطيع أن أتغلب على وسواسها، ولم ترض بقبول الهدية إلا في هذا النهار.
السيد جوردان :
تعال نتحدث في ناحية، كيف رأت الجوهرة؟
دورانت :
ساحرة، ولقد أطريت لها جمال تلك الهدية وعظمة حبك وغرامك.
زوجة جوردان (لنيقول) :
عندما يجتمع به لا يعود يفترق عنه.
السيد جوردان :
إني مدين لك بهذه الألطاف، وأراني في خجل شديد من رؤية رجل مثلك ينزل لأجلي هذه المنزلة.
دورانت :
أتهزأ؟ وهل يجوز هذا الحديث بين الأصدقاء؟ ولو شاءت الظروف أن أكون في موقفك أفلا تخدمني هذه الخدمة نفسها؟
السيد جوردان :
هو! بدون شك وبطيبة خاطر.
زوجة جوردان (لنيقول) :
إن وجود هذا الرجل يثقل علي كثيرا!
دورانت :
أما أنا فلا أعبأ بشيء عندما يجب علي أن أخدم صديقا لي، وعندما فاتحتني بميلك الشديد لتلك المركيزة الجميلة رأيت بنفسك كيف أني قدمت نفسي لخدمة غرامك.
السيد جوردان :
صحيح! فلطفك يخجلني جدا.
زوجة جوردان (لنيقول) :
أولا يريد أن ينصرف؟
دورانت :
لقد عرفت كيف تنسل إلى قلبها؛ فالنساء يعشقن - بنوع خاص - النفقات التي تبذل لأجلهن، وأرى أن هداياك الكثيرة والجوهرة التي قدمتها لها والهدية الجديدة التي تهيئها، كل ذلك أفيد لحبك وأفصح من جميع الكلمات التي يمكنك أن تقولها لها بنفسك.
السيد جوردان :
ليس ثمة نفقات لا أبذلها إذا كان الوصول إلى قلبها هو من هذه الطريق؛ فالمرأة الممتازة تستهويني بجواذبها، وهذا لعمري شرف عظيم أشتريه بأي ثمن كان.
زوجة جوردان (لنيقول بصوت منخفض) :
ما هو هذا الحديث الذي استغرق كل هذا الوقت؟ تقدمي بهدوء واصغي لأرى.
دورانت :
وقريبا تتمتع بلذة مشاهدتها؛ فمركيزتنا الجميلة بحسب ما ورد في البطاقة التي أرسلتها إليك، ستحضر قريبا إلى هذا المكان.
السيد جوردان :
ولكي نكون في مطلق الحرية عملت طريقة لتذهب امرأتي إلى بيت شقيقتها، فتتغدى هناك وتصرف كل بعد الظهر.
دورانت :
لقد عملت بما تقضي به الحكمة؛ فامرأتك قد تزعجنا جدا، ولقد أصدرت عنك الأوامر اللازمة إلى الطاهي لتهيئة احتياجات الوليمة.
السيد جوردان (ينتبه إلى أن نيقول تتسمع فيصفعها) :
يا لك وقحة! تعال نخرج.
المشهد الخامس (زوجة جوردان - نيقول)
نيقول :
وحقك يا سيدتي لقد دفعت ثمن تطفلي، على أني أظن أن وراء الأكمة ما وراءها، وإنهما يتحدثان عن أمر لا يريدان أن تطلعي عليه.
زوجة جوردان :
لقد حزرت من زمن طويل يا نيقول أن زوجي يخونني؛ فأنا أكثر النساء انخداعا في العالم، وأظن أن هناك قضية غرام لن أكف عن البحث عنها لاكتشافها، ولكن لنفكر الآن في ابنتي، فلا أخالك تجهلين حب كليونت لها؛ فكليونت فتى يلائمني، وسأساعده على إعطائه يد لوسيل إذا استطعت.
نيقول :
الحق يقال يا سيدتي، إني لسعيدة جدا برؤيتك على هذا الشعور، فإذا كان السيد يلائمك فالخادم يلائمني أنا أيضا، وإني لأتمنى أن يجري زواجنا في ظل زواجهما.
زوجة جوردان :
اذهبي فكلميه من قبلي وقولي له أن يحضر الآن إلى هنا لأساعده على طلب يد ابنتي.
نيقول :
ها أنا ذا مسرعة يا سيدتي؛ فليس أطيب على قلبي من القيام بهذه المهمة.
المنظر الثانى
المشهد الأول (كليونت - كوفييل - نيقول)
نيقول :
آه! هوذا أنت؟ إني سفيرة الفرح، ولقد جئت ...
كليونت (يقاطعها) :
انصرفي من هنا، ولا تجيئي مرة أخرى تلهيني بكلماتك الخائنة.
نيقول :
أهكذا تستقبل؟ ...
كليونت :
قلت لك انصرفي من هنا، واذهبي فقولي لسيدتك الخائنة إنها مغرورة بغشها لكليونت البسيط.
نيقول :
ماذا أصابه؟ (لكوفييل)
قل لي يا كوفييلي المسكين، ما معنى هذا التصرف؟
كوفييل :
كوفييلك المسكين أيتها اللصة؟ عجلي، احتجبي من أمامي أيتها القذرة ودعيني في راحتي.
نيقول :
ماذا؟ أنت أيضا ...
كوفييل :
قلت لك احتجبي من أمامي ولا تحدثيني عن خيانتك.
نيقول :
هو هو! أية حشرة لدغتهما معا؟ فلأذهب أطلع مولاتي على هذه الحكاية المدهشة.
المشهد الثاني (كليونت - كوفييل)
كليونت :
أهكذا يعامل عشيق مثلي؟ عشيق هو أطوع العشاق وأصدقهم جميعا؟
كوفييل :
إنه لأمر فظيع هذا الذي تسببانه لي ولك.
كليونت :
أظهر لأنثى أشد غيرة يستطيع الإنسان أن يتصورها؛ فلا أحب سواها في العالم، ولا أفكر في سواها، ولا أتكلم إلا عنها، ولا أحلم بغيرها، ولا أتنشق الهواء إلا بها، وقلبي بها يعيش، فتجازي محبتي لها بالنكران ... وها قد مضى علي يومان لم أرها فيهما، يومان كاملان هما بمثابة قرنين، وأحيانا ألتقيها صدفة فينخطف قلبي لدى رؤيتها ويشرق فرحي على وجهي، ولكن عندما أطير إليها تتحول عني كأنها لم تعرفني ولم يقع بصرها علي.
كوفييل :
وأنا أقول مثل الكلام الذي تقوله أنت.
كليونت :
أيستطيع الإنسان يا كوفييل أن يرى شبيها لذلك الغدر في صدر لوسيل الجاحدة؟
كوفييل :
وفي صدر نيقول الشقية!
كليونت :
بعد تلك التضحيات النارية وتلك الزفرات المضطرمة التي أطلقتها في سبيل جمالها!
كوفييل :
بعد تلك الخدمات الكثيرة التي أديتها لها في مطبخها!
كليونت :
بعد تلك الدموع التي هرقتها على قدميها.
كوفييل :
بعد تلك الدلاء الكثيرة التي رفعتها من البئر لأجلها.
كليونت :
بعد أن أظهرت لها غيرة لا أظهرها لنفسي.
كوفييل :
بعد أن قاسيت حرارات شديدة في تقليب «أسياخ»
اللحم مكانها.
كليونت :
تهرب من وجهي باحتقار.
كوفييل :
تدير لي ظهرها بوقاحة.
كليونت :
إنها لمخاتلة تستحق جميع أصناف العقوبات.
كوفييل :
إنها لخيانة تستحق ألف صفعة.
كليونت :
لا تكلف نفسك ذكر اسمها أمامي من الآن فصاعدا.
كوفييل :
أنا يا سيدي؟ أعوذ بالله!
كليونت :
ولا تأت مرة أخرى تعتذر لي عن أعمال تلك الخائنة.
كوفييل :
لا تخف.
كليونت :
واعلم أن جميع دفاعاتك عنها لن تفيد شيئا.
كوفييل :
ولكن من فكر في ذلك؟
كليونت :
أريد أن أحتفظ بحقدي عليها وأقطع جميع علاقاتي بها.
كوفييل :
أوافقك.
كليونت :
وذلك الكونت الذي يتردد عليها، إنه يبهرها بمظهره النبيل، ويجب علي حفظا لشرفي أن أحول عن عهدي معها، فلا أدع لها كل المجد في هجري.
كوفييل :
قلت حقا، وإني لأوافقك على كل ما تقول.
كليونت :
ساعدني على نكايتها، وعلى وقوفي دون بقية الحب الباقية لها في صدري، أسمعني كل أنواع الحيف التي تستطيع أن تلصقها بها، وصورها لي بشكل ممقوت يجعلني أحتقرها احتقارا.
كوفييل :
لا أرى في مزاياها مزية حسنة، وإنك لتقع على مائة أنثى أجدر منها بك، عيناها صغيرتان.
كليونت :
صحيح، عيناها صغيرتان، ولكنهما تطفحان نارا ... فهما أشد العيون بريقا وأشدها وقعا في النفوس.
كوفييل :
فمها كبير.
كليونت :
أجل، ولكنه يحتوي على جواذب لا ترى في الأفواه الأخرى، ومن يره تستيقظ الميول في نفسه؛ فهو أقرب الأفواه جميعا إلى الحب.
كوفييل :
أما قامتها فليست طويلة.
كليونت :
لا، ولكنها سهلة الانقياد ممشوقة.
كوفييل :
وهي تتكلف الكسل في كلامها وحركاتها.
كليونت :
صحيح، ولكنها جذابة في كسلها هذا، ولا أعلم أي سحر في حركاتها ينفذ توا إلى القلب.
كوفييل :
أما روحها ...
كليونت (يقاطعه) :
آه! أما روحها فهو ألطف ما يكون.
كوفييل :
وأما حديثها ...
كليونت (يقاطعه) :
فساحر جذاب.
كوفييل :
أراها دائما رصينة.
كليونت :
أوترغب في تلك البشاشة الدائمة وذلك الزهو المستمر؟ وهل ترى أوقح من المرأة التي تضحك في كل حين؟
كوفييل :
ولكنها تسير دائما على هوى نفسها.
كليونت :
نعم، وإنها تسير على هوى نفسها، ولكن النساء الجميلات جديرات بكل شيء، وللرجل أن يتحمل كل شيء من الجميلات.
كوفييل :
إذا كان الأمر كذلك فإني أراك ترغب في الاستمرار على حبها.
كليونت :
لا، بل أفضل الموت على ذلك، وسأبغضها بقدر ما أحببتها.
كوفييل :
وكيف العمل لذلك وأنت ترى كل شيء كاملا فيها؟
كليونت :
إن الكمال الذي أراه فيها يساعد انتقامي على الانفجار، ويبرهن على قوة قلبي في هجرها، وهي في أبهى ما يكون من الجمال وأشد ما يكون من الجاذب، ها هي ذي.
المشهد الثالث (كليونت - لوسيل - كوفييل - نيقول)
نيقول (للوسيل) :
لا أخفي عنك أنني صرت أشك به جدا.
لوسيل :
ولكن لا يمكن أن يكون غير ما قلته لك، هو ذا.
كليونت (لكوفييل) :
لن أكلمها.
كوفييل :
وأريد أن أعمل مثلك.
لوسيل :
ما هذا يا كليونت؟ ما بك؟
نيقول :
ما بك يا كوفييل؟
لوسيل :
أي غم يستولي عليك؟
نيقول :
أي قلق يقبض على قلبك؟
لوسيل :
هل خرست يا كليونت؟
نيقول :
هل فقدت الكلام يا كوفييل؟
كليونت :
إنها لشقاوة غريبة!
كوفييل :
إنها خيانة فظيعة!
لوسيل :
أرى أن اجتماع هذا الصباح أقلق أفكارك.
كليونت (لكوفييل) :
ها ها! لقد اعترفت بما اقترفت.
نيقول :
إن استقبالنا هذا الصباح قد ساءك قليلا.
كوفييل (لكليونت) :
لقد حزرت مكان الجرح.
لوسيل :
أليس حقا يا كليونت أن هذا هو السبب في غضبك؟
كليونت :
بلى، أيتها الخائنة، هو هذا بعينه! ولا تعتقدي أنك ستنتصرين بخيانتك كما يصور لك، بل يجب أن تعلمي أني سأبدأ بقطع علاقاتي معك، فلا يتاح لك أن تفوزي بطردي، ولا أكتمك أني سأقاسي عذابا كبيرا في قهر حبي لك على أني سأنتصر أخيرا وأسلوك سلوا ...
كوفييل (لنيقول) :
ومثله أنا.
لوسيل :
هذا ضجيج فارغ، أريد يا كليونت أن أطلعك على سبب تبرمي منك هذا الصباح.
كليونت (يتظاهر بالذهاب ويدور دورة المسرح) :
لا أريد أن أسمع شيئا.
نيقول (لكوفييل) :
وأنا أيضا أريد أن أطلعك ...
كوفييل (يتظاهر أيضا بالذهاب ليتجنب نيقول) :
لا أريد أن أسمع شيئا.
لوسيل (تتبع كليونت) :
أعلم أن هذا الصباح ...
كليونت :
قلت لك لا أريد أن أسمع.
نيقول (تتبع كوفييل) :
اعلم أن ...
كوفييل :
لا، أيتها الخائنة.
لوسيل :
اسمع.
كليونت :
لا شأن لك.
نيقول :
دعني أقل لك.
كوفييل :
إني أطرش.
لوسيل :
كليونت!
كليونت :
لا!
نيقول :
كوفييل!
كوفييل :
أبدا.
لوسيل :
قف.
كليونت :
أقاصيص وأغاني.
نيقول :
اسمع ...
كوفييل :
سخافات.
لوسيل :
دقيقة.
كليونت :
أبدا أبدا.
نيقول :
قليلا من الصبر.
كوفييل :
تر ر را رار!
لوسيل :
كلمتان.
كليونت :
لا، قضي الأمر.
نيقول :
كلمة واحدة.
كوفييل :
قطعت العلاقات.
لوسيل (تقف) :
إذن بما أنك لا تريد أن تصغي إلي فابق في مكانك واعمل ما تشاء.
كوفييل (يتحول إلى لوسيل) :
طيب، ماذا تريدين أن تقولي؟
لوسيل (تهرب من وجه كليونت) :
لقد عدلت عن الكلام.
كوفييل (يتحول إلى نيقول) :
طيب، ماذا تريدين أن تقولي؟
نيقول (تهرب من وجه كوفييل) :
لقد عدلت أنا أيضا عن الكلام.
كليونت :
قولي لي ...
لوسيل :
لا، لا أريد أن أقول شيئا.
كوفييل :
قصي علي ...
نيقول :
لا، لا أريد أن أقص شيئا.
كليونت :
أتوسل إليك.
لوسيل :
قلت كلا، لا أريد.
كوفييل :
رأفة بي.
نيقول :
قطعت العلاقات.
كليونت :
أرجوك.
لوسيل :
دعني.
كوفييل :
أتوسل إليك.
نيقول :
اخرج من هنا.
كليونت :
لوسيل!
لوسيل :
لا.
كوفييل :
نيقول!
نيقول :
أبدا.
كليونت :
بحق السماوات!
لوسيل :
لا أريد.
كوفييل :
كلميني.
نيقول :
أبدا أبدا.
كليونت :
أوضحي شكوكي.
لوسيل :
لا، لن أعمل شيئا من هذا.
كوفييل :
اشفي عقلي.
نيقول :
لا أستصوب ذلك.
كليونت :
إذن بما إنك لا تعبئين كثيرا بآلامي ولا تريدين أن تبرئي نفسك من تلك الخيانة التي اقترفتها بحق شعلتي ولهيبي فلن تريني بعد الآن ، أيتها الجاحدة، وأريد أن أبتعد عنك كثيرا لأموت حبا وألما.
كوفييل (لنيقول) :
وأريد أن أحذو حذوه أنا أيضا.
لوسيل (لكليونت وقد هم بالخروج) :
كليونت!
نيقول (لكوفييل وقد هم بالخروج وراء سيده) :
كوفييل!
كليونت (يقف) :
ماذا؟
كوفييل (يقف أيضا) :
ماذا؟
لوسيل :
إلى أين أنت ذاهب؟
كليونت :
إلى حيث قلت لك.
كوفييل :
نحن ذاهبان نموت.
لوسيل :
تريد أن تموت يا كليونت؟
كليونت :
نعم أيتها القاسية، فلقد شئت ذلك.
لوسيل :
أنا؟ هل أردت أنا أن تموت؟
كليونت :
نعم أردت!
لوسيل :
من قال لك ذلك؟
كليونت (مقتربا من لوسيل) :
أليس برهانا على إرادتك إياه عدم إرادتك تبديد شكوكي؟
لوسيل :
هل الذنب واقع علي؟ ولو أردت أن تصغي إلي ألم أكن أطلعتك على أن الحادث الذي تأسف له قد سببه هذا الصباح وجود عمة مسنة تزعم أن وجود رجل بالقرب من فتاة يمس شرفها، وأن جميع الرجال إنما هم شياطين يجب الهرب من وجوههم؟
نيقول (لكوفييل) :
هذا هو سر المسألة.
كليونت :
ألا تغشينني يا لوسيل؟
كوفييل (لنيقول) :
ألا تخفين عني شيئا؟
لوسيل (لكليونت) :
ليس أصدق مما قلت لك.
نيقول (لكوفييل) :
قلت لك الحقيقة كما هي.
كوفييل (لكليونت) :
أنسلم بهذا؟
كليونت :
آه يا لوسيل! إن كلمة واحدة خرجت من فمك لطفت في قلبي أشياء كثيرة.
المشهد الرابع (زوجة جوردان - كليونت - لوسيل - كوفييل - نيقول)
زوجة جوردان :
إني لمسرورة برؤيتك يا كليونت، وأراك على استعداد تام، فزوجي آت إلى هنا، فتأهب حالا لطلب يد لوسيل للزواج.
كليونت :
آه يا سيدتي! إن كلامك هذا لعذب على قلبي وميولي، فهل أستطيع أن أتلقى أمرا أجمل من هذا، أو أن أحظى بنعمة أثمن من هذه؟
المشهد الخامس (السيد جوردان - زوجته - كليونت - لوسيل - كوفييل - نيقول)
كليونت :
لم أشأ يا سيدي أن أوسط أحدا لديك في عرض مسألة أفكر فيها منذ زمن طويل، وكي لا أحوم كثيرا حول الموضوع أقول لك: إن شرف مصاهرتك إنما هو نعمة مجيدة أتوسل إليك أن تمنحني إياها.
السيد جوردان :
أرجو منك يا حضرة السيد قبل أن أجيبك على طلبك أن تجيبني على سؤال لي: أمن النبلاء أنت؟
كليونت :
إن معظم الناس يا سيدي لا يترددون طويلا لدى هذا السؤال، بل يقطعون الكلام بسهولة، ومثل هذا اللقب لا يستلزم كبير تدقيق، ثم لقد جرت العادة في هذه الأيام أن يستحل أي كان اختلاس الألقاب، أما أنا فلا أكتمك أن نفسيتي لا تتفق ونفسية بعض الناس في مثل هذه الحال؛ إذ أعتقد أن الاختلاس عار على الرجل الشريف، وأن من الجبن وضع البرقع على ما أعطتنا إياه السماء، ومن الحيف علينا أن نتزين على أعين العالم بلقب مختلس، وندعي ما ليس لنا. فلقد ولدت يا سيدي من أبوين لم يلصق بهما حيف ولم يلوثهما أمر شائن، وربحت لنفسي في الجندية شرف الخدمة ست سنوات؛ مما جعلني أشغل بين الناس مركزا لا بأس به. على أني مع كل هذا لا أريد أن أعطي نفسي لقبا قد يدعيه سواي، وأقول لك بصراحة: إني لست من النبلاء ...
السيد جوردان :
قف هنا يا حضرة السيد؛ فابنتي ليست لك.
كليونت :
ماذا؟
السيد جوردان :
لست نبيلا! إذن فابنتي لن تكون لك.
زوجة جوردان :
ماذا تقصد بنبيلك هذا؟ وهل نحن من ضلع القديس لويس؟
السيد جوردان :
اخرسي يا زوجتي!
زوجة جوردان :
ألم يكن والدك من الباعة كما كان والدي؟
السيد جوردان :
أخذك الطاعون! إن يكون والدك من الباعة فلسوء حظه، أما والدي أنا فلم يكن من الباعة، ولم يزعم ذلك إلا فئة من الجهال، وخلاصة القول أريد أن يكون صهري من النبلاء.
زوجة جوردان :
ينبغي لابنتك زوج يصلح لها، وإنه لأليق بها رجل شريف الأخلاق غني من رجل نبيل شحاذ.
نيقول :
صحيح؛ ففي قريتنا نبيل له ولد أبله لم أر مثله في حياتي.
السيد جوردان :
اخرسي أيتها الوقحة! إنك تزجين بنفسك دائما في الحديث. (لزوجته)
لدي من الخيرات كثير جدا ولست بحاجة إلا إلى الشرف، أما ابنتي فأريد أن أصيرها مركيزة.
زوجة جوردان :
مركيزة؟
السيد جوردان :
أجل، مركيزة، هذا أمر صحت عليه عزيمتي.
زوجة جوردان :
هذا أمر لن أوافق عليه؛ لأن زواج الإنسان من إنسان أكبر منه يؤدي إلى عواقب لا تحمد؛ فلا أريد صهرا يستطيع أن يشمت بأصل ابنتي، ولا أريد أن ترزق ابنتي أولادا يخجلون أن ينادوني بجدتهم، وهناك الطامة الكبرى إذا هي جاءت لتزورني في خلعة الأميرات، فصادفت في الطريق قوما من عشرائها، وشاءت الظروف ألا تحييهم خلافا لعادتها، فلا يلبث هؤلاء أن يتناولوها بألف فلتة من فلتات ألسنتهم فيقولوا مثلا: «أرأيتم هذه السيدة المركيزة التي تتكلف المجد؟ فهي ابنة السيد جوردان التي كان جداها يبيعان الخام في حي القديس منصور» لا، لا أريد مثل هذه المشاكل، وبكلمة واحدة أريد صهرا أستطيع أن أقول له: «اجلس هنا يا صهري وتغد معي».
السيد جوردان :
إنه لمن الحقارة أن يأبى الإنسان الارتفاع عن الصغائر، لا أريد أن تعترضيني أكثر من ذلك؛ فابنتي ستصير مركيزة بالرغم من جميع الناس، وإذا أثرت كوامن غضبي أجعلها دوقة! (يخرج)
زوجة جوردان :
لا تقنط يا كليونت. (لابنتها)
اتبعيني يا ابنتي وتعالي، أفهمي والدك أنك إذا لم تتزوجي من كليونت فلن تتزوجي من أحد غيره.
المشهد السادس (كليونت - كوفييل)
كوفييل :
لقد توفقت بشواعرك النبيلة.
كليونت :
ما العمل؟ أنا موسوس من هذه الناحية، ووسواسي لا يتغلب عليه مثل.
كوفييل :
ولكن الرصانة مع رجل كهذا ليست من الحكمة في شيء، ألم تر أنه مجنون؟ وهل مجاراتك له في تخيلاته تكلفك شيئا؟
كليونت :
الحق معك، على أني لم أكن أعلم أنه يجب علي التظاهر بالنبل لأحظى بمصاهرة السيد جوردان.
كوفييل (ضاحكا) :
ها ها ها!
كليونت :
لماذا تضحك؟
كوفييل :
أضحك لفكرة خطرت لي الآن، وهي أن نلعب على صاحبنا دورا ينيلك كل ما تتمنى.
كليونت :
كيف ذلك؟
كوفييل :
الفكرة مضحكة جدا.
كليونت :
وما هي هذه الفكرة؟
كوفييل :
هي أن نلعب عليه دورا مضحكا كما قلت لك، فصاحبنا تجوز عليه كل الحيل من غير أن نكلف أنفسنا جهودا كبيرة، أما العدة للعب هذا الدور فمهيأة، ولكن دعني أعمل.
كليونت :
أفهمني ...
كوفييل :
سأفهمك كل شيء، تعال نخرج فها هو قادم.
المشهد السابع (السيد جوردان - خادمان)
السيد جوردان :
يا للشيطان! لا يجدون ما يأخذونه علي إلا تحدي الأسياد العظام، أما أنا فلا أجد أجمل من معاشرة عظماء الأسياد، وإني لأتمنى لو ولدت كونتا أو مركيزا وقطعت أصبعان من يدي.
الخادم :
هو ذا الكونت يا مولاي ومعه سيدة يقودها بيده.
السيد جوردان :
آه يا الله! لدي بعض أوامر أعطيها؛ فقل لهما إني آت إلى هنا بعد هنيهة (يخرج) .
المشهد الثامن (دوريمين - دورانت - خادمان)
الخادم :
قال سيدي إنه سيأتي إلى هنا بعد هنيهة.
دورانت :
طيب.
دوريمين :
لا أعلم يا دورانت كيف أبحت لنفسي القدوم معك إلى دار لا أعرف فيها أحدا.
دورانت :
أية دار تريدين يا مولاتي أن يختارها لك حبي وغرامي لنتغدى فيها، وقد أبيت - هربا من الضجيج - أن تختاري بيتك أو بيتي؟
دوريمين :
ولكن ألا تظن أني أتهور جدا بقبولي منك كل يوم تلك الشواهد الكبيرة على حبك وغرامك؟ لقد حاولت كثيرا التمنع عن قبول تلك الشواهد ولكنك أصررت وأصررت حتى لم أجد بدا من النزول على كل ما تريد، وحتى أصبحت أنقاد إليك انقيادا مطلقا، وأرى أن الأمر سيفضي بك أخيرا إلى استدراجي للزواج الذي أبتعد عنه قدر ما أستطيع.
دورانت :
وحقك يا مولاتي، كان يجب عليك أن تكوني تزوجت، فأنت أرملة لا شأن لأحد معك، وأنا سيد نفسي وأحبك أكثر من حياتي، فلماذا لا تبدئين منذ اليوم بمنحي هذه السعادة؟
دوريمين :
ولكن يا دورانت ينبغي لكل منا أن تتوفر فيه الشروط اللازمة للحصول على حياة سعيدة، ولا شك أن أعقل الناس جميعا كثيرا ما وجدوا صعوبة في الوصول إلى اتحاد يرضي الجهتين.
دورانت :
إنك تهزأين يا مولاتي بتصورك كل هذه العراقيل.
دوريمين :
ثم إن النفقات التي أراك تبذلها تؤسفني لسببين: الأول أنها تقيدني أكثر مما أريد، والآخر أنك لا تبذلها من غير أن تزعج نفسك، وهذا ما لست راضية عنه.
دورانت :
آه! إن ما رفعته إليك لأشياء تافهة يا مولاتي و...
دوريمين (تقاطعه) :
إني عارفة ماذا أقول، ثم إن الجوهرة التي أرغمتني على قبولها تساوي ...
دورانت (يقاطعها) :
وحقك يا مولاتي لا تقدري شيئا لا يراه حبي جديرا بك، وتكرمي ... هو ذا صاحبنا قادم.
المشهد التاسع (السيد جوردان - دوريمين - دورانت - خادمان)
السيد جوردان (بعد أن يعمل تحيتين يجد نفسه قريبا جدا من دوريمين) :
إلى الوراء قليلا يا مولاتي.
دوريمين :
ماذا؟
السيد جوردان :
خطوة إلى الوراء إذا شئت.
دوريمين :
ماذا تقول؟
السيد جوردان :
ابتعدي قليلا، للمرة الثالثة.
دورانت :
إن السيد جوردان يا مولاتي يعرف أن يقدر قدر زواره.
السيد جوردان :
مولاتي، إنه لمجد كبير أن أرى نفسي محظوظا بأن أكون سعيدا بأن تسعديني بمنحك إياي شرف تشريفي بفضل وجودك في بيتي، ولئن استحققت أن أستحق استحقاقا كهذا، ولئن كانت السماء ... التي تحسدني على نعمتي ... قد منحتني ... فضل أن أكون جديرا ... ب ...
دورانت :
كفى يا سيد جوردان، فمولاتي لا تحب المديح الطويل، وهي لا تجهل أنك رجل عقل ومعرفة واطلاع (لدوريمين بصوت منخفض) : إنه رجل مثر، طيب القلب، مضحك كما ترين من حركاته.
دوريمين (لدورانت بصوت منخفض) :
لا يصح أن ندعه ينتبه لنا.
دورانت :
هو ذا يا مولاتي أعز أصدقائي.
السيد جوردان :
إنه لشرف عظيم تمنحني إياه.
دورانت (لدوريمين بصوت مرتفع) :
إنه لرجل ظريف.
دوريمين :
وإني لأحترمه كثيرا.
السيد جوردان :
لم أعمل شيئا بعد يا مولاتي لأستحق هذه النعمة.
دورانت (لجوردان بصوت منخفض) :
احذر - على الأقل - أن تكلمها عن الجوهرة التي أرسلتها إليها.
السيد جوردان :
ألا أستطيع أن أسألها رأيها فيها فقط؟
دورانت :
كيف؟ إياك أن تفعل ذلك لئلا تنظر إليك كما ينظر إلى الفلاح المنحط، ولكي تنهج نهج الظرفاء ينبغي لك أن تتظاهر كأنك لست أنت الذي قدم لها تلك الهدية (لدوريمين) : يقول السيد جوردان يا مولاتي: إنه شديد الغبطة بمشاهدته إيانا في داره.
دوريمين :
إنه يشرفني كثيرا.
السيد جوردان (لدورانت بصوت منخفض) :
أشكرك جدا على ما تفعل معها لأجلي.
دورانت (لجوردان بصوت منخفض) :
لقد بذلت مجهودا عظيما في سبيل إقناعها بالحضور إلى هنا.
السيد جوردان (لدورانت بصوت منخفض) :
لا أعرف بأي شيء أكافئك.
دورانت :
يقول السيد جوردان يا مولاتي: إنه يراك أجمل امرأة في العالم.
دوريمين :
إنه لطيف جدا.
السيد جوردان :
أما اللطف يا مولاتي فأنت وحدك ...
دورانت :
إلى الغداء، إلى الغداء.
الخادم :
كل شيء معد يا مولاي.
دورانت :
إذن لنجلس إلى المائدة، وليؤمر بإحضار الموسيقيين. (يرقص ستة طهاة بعضهم مع بعض، ثم يحضرون خوانا عليه أطعمة كثيرة.) (الستار)
الفصل الرابع
المشهد الأول (دورانت - دوريمين - السيد جوردان - موسيقيان - موسيقية - خادمان)
دوريمين :
إنه لغداء ممتاز يا دورانت!
السيد جوردان :
إنك تهزئين يا سيدتي، كنت أود أن يكون الغداء هذا أليق بك مما هو الآن (يجلس الجميع إلى المائدة) .
دورانت :
إن السيد جوردان مصيب بكلامه يا سيدتي، وإني لأوافقه على أن الغداء هذا لا يليق بك.
دوريمين :
لا أجيب على هذا بسوى الأكل بشهية.
السيد جوردان :
آه! إن يديك جميلتان جدا.
دوريمين :
ليست يداي جميلتين بقدر ما تظن يا سيد جوردان، ولكنك تريد أن تتكلم عن الجوهرة التي هي في غاية الجمال.
السيد جوردان :
أنا يا سيدتي؟ معاذ الله أن أذكرها؛ إذ ليس من الذوق في شيء أن أجيء على ذكر جوهرة لا تعد شيئا ...
دوريمين :
أراك تشمئز.
السيد جوردان :
إنك لكثيرة اللطف ...
دورانت :
هيا هيا، أحضروا نبيذا للسيد جوردان ولهؤلاء السادة الذين سيتكرمون علينا بنشيد على الخمرة.
دوريمين :
إنها للذة كبيرة أن يمتزج الطعام بالموسيقى، وإني لأرى نفسي على أحسن حال في هذه الوليمة.
السيد جوردان :
عفوا يا سيدتي ... ليس ...
دورانت (يقاطعه) :
لنعر أسماعنا لهؤلاء السادة؛ فالألحان التي سيتكرمون علينا بها هي أفضل من كل ما نستطيع أن نقوله (يرفع الموسيقيون والموسيقيات أقداحهم وينشدون لحنين على الخمر) .
دوريمين :
لا أعتقد أن أحدا يستطيع أن يغني بأجمل من ذلك، وهذا جميل جدا.
السيد جوردان :
على أني يا مولاتي أرى في هذا المكان شيئا أجمل.
دوريمين :
هو! إن السيد جوردان لأذوق مما كنت أظن.
دورانت :
ماذا؟ وكيف كنت تنظرين إلى السيد جوردان؟
السيد جوردان :
إني أود أن تنظر إلي كما ...
دورانت (يقاطعه) :
ألا تلاحظين يا سيدتي أن السيد جوردان يأكل جميع الأطعمة التي تلمسها يدك؟
دوريمين :
إن السيد جوردان رجل ساحر، إنه يدهشني!
السيد جوردان :
إذا قدر لي يا مولاتي أن أسحر قلبك ... فأكون ...
المشهد الثاني (زوجة جوردان - السيد جوردان - [دوريمين] - دورانت - موسيقيون - موسيقيات - خدم)
زوجة جوردان (تدخل فجأة) :
ها ها! أرى هنا رفقة صالحة وأرى جيدا أنكم لم تنتظروني، إذن لهذه الغاية أسرعت بإرسالي لتناول الغداء على مائدة شقيقتي يا حضرة زوجي؟ أهكذا تنفق مالك فتولم ولائمك الفخمة للسيدات في غيابي، وتقيم لهن حفلات الموسيقى والمهازل؛ إذ ترسلني أنشق النسيم في الخارج؟
دورانت :
ما تقصدين يا مدام جوردان؟ ومن صور لك أن زوجك ينفق ماله وأنه هو الذي أولم هذه الوليمة لحضرة السيدة؟ أرجو منك أن تعلمي أن صاحب هذه الوليمة هو أنا، وأن زوجك لم يكن منه إلا أن أعارني بيته فقط، وأرجو منك مرة أخرى أن تفكري قبل أن تتكلمي.
السيد جوردان :
نعم يا حمقاء؛ فحضرة الكونت هو الذي يحيي هذه الوليمة لحضرة السيدة التي هي من ذوات الصفات الممتازة، ولقد شرفني باستعارته بيتي لهذه الغاية وبرغبته إلي في الجلوس معه.
زوجة جوردان :
هذا كلام ملفق، فأنا أعرف ما أعرف.
دورانت :
خذي لك نظارات غير هذه يا مدام جوردان.
زوجة جوردان :
لدي ما أصنعه غير عمل النظارات يا حضرة السيد، ولا تظنني حمقاء إلى هذه الدرجة، واعلم أنه من العار عليك - إن تكن سيدا كبيرا - أن تساعد زوجي في سخافاته كما تفعل (لدوريمين) : وأنت يا حضرة السيدة، إن تكوني سيدة كبيرة فالنهج الذي تنهجينه لا يشرفك، وليس من الأخلاق في شيء أن تعمدي إلى رمي الشقاق في العيلة، وأن ترضي بأن يكون زوجي عشيقا لك.
دوريمين :
ما تقصد حضرتها بهذا الكلام؟ (لدورانت)
هيا دورانت، لقد سخرت مني بجعلك إياي عرضة لأوهام هذه السخيفة (تهم بالخروج) .
دورانت (يلحق بها) :
مدام، هولا! مدام، إلى أين تسرعين؟
السيد جوردان :
مدام، يا حضرة الكونت، اعتذر لها عني واجتهد أن ترجعها (لزوجته ) : يا لك حمقاء! لقد شنعت وجهي أمام الناس، وطردت من بيتي شخصين من أصحاب الصفات الممتازة.
زوجة جوردان :
إني أسخر من صفاتها الممتازة.
السيد جوردان :
لا أعلم ماذا يردعني عن تحطيم رأسك بصحون الغداء (ترفع المائدة) .
زوجة جوردان (خارجة) :
إني أسخر من كل هذا، ولقد دافعت عن حقوقي، وسيكون النساء جميعهن في جانبي.
السيد جوردان :
لقد أحسنت بتجنبك غضبي. آه! كنت على وشك أن أتلفظ بعبارات ساحرة، ولم أشعر مرة بمثل الروح الذي شعرت به منذ هنيهة، يا لك شقية حمقاء!
المشهد الثالث (كوفييل (متنكرا) - السيد جوردان - خادمان)
كوفييل (يدخل متنكرا) :
لا أعلم يا سيدي أيكون لي الشرف بأن تعرفني.
السيد جوردان :
لا يا حضرة السيد.
كوفييل :
أما أنا فقد عرفتك إذ لم تكن أعلى من الشبر.
السيد جوردان :
أنا؟
كوفييل :
ولقد كنت أجمل ولد في العالم، وكان النساء جميعهن يحملنك على أذرعهن ليقبلنك.
السيد جوردان :
ليقبلنني!
كوفييل :
نعم، كنت إذ ذاك من أصدقاء المرحوم السيد والدك.
السيد جوردان :
المرحوم السيد والدي!
كوفييل :
نعم، كان - رحمه الله - من النبلاء الطيبين.
السيد جوردان :
والدي؟
كوفييل :
أجل.
السيد جوردان :
وهل عرفته معرفة جيدة؟
كوفييل :
بدون ريب.
السيد جوردان :
وعرفته نبيلا؟
كوفييل :
بكل تأكيد.
السيد جوردان :
لم أبق أعرف كيف صنع هذا العالم.
كوفييل :
كيف؟
السيد جوردان :
هناك قوم من البله يجيئونني زاعمين أن والدي كان من التجار الطوافين.
كوفييل :
والدك تاجر طواف؟ هذا افتراض محض؛ فكل ما كان والدك يعمله، وهو خبير بأصناف القماش، أنه كان يستحضر إليه كمية من الأقمشة ويقدمها لأصدقائه لقاء دراهم.
السيد جوردان :
إني لشديد السرور بمعرفتي إياك، وأريد منك أن تكون شاهدا على أن والدي كان نبيلا.
كوفييل :
سأجاهر بذلك أمام جميع الناس.
السيد جوردان :
أشكرك، لأي أمر جئت؟
كوفييل :
بعد أن عرفت المرحوم السيد والدك - وهو من النبلاء الطيبين كما قلت لك - أخذت أطوف جميع أنحاء العالم.
السيد جوردان :
جميع أنحاء العالم؟
كوفييل :
نعم.
السيد جوردان :
أظن أن هناك بلدانا بعيدة من هنا؟
كوفييل :
بدون ريب ، ولم أعد من سفري الطويل إلا منذ أربعة أيام، وإذ إني أهتم لكل ما يهمك أمره جئت أحمل إليك أجمل بشرى في العالم.
السيد جوردان :
ما هي هذه؟
كوفييل :
هل عرفت أن ابن التركي العظيم هو هنا.
السيد جوردان :
أنا؟ لا.
كوفييل :
كيف؟ إنه يرتدي بزة ساحرة، ولقد جرى له في هذا البلد استقبال فخم.
السيد جوردان :
وحقك لم أكن أعلم ذلك.
كوفييل :
والذي ستفرح له كثيرا هو أنه عاشق ابنتك.
السيد جوردان :
ابن التركي العظيم؟
كوفييل :
أجل، ويريد أن يصير صهرك.
السيد جوردان :
ابن التركي العظيم، صهري؟
كوفييل :
صهرك، ابن التركي العظيم، وبما أني أعرف لغته معرفة جيدة ذهبت إليه وتحدثنا معا، وبعد أن تناولنا في الحديث أمورا كثيرة قال لي: «أكسيام كروك سولر أوش مصطف جيدلم فراهيني أوسر كربولات» يعني: ألم يقع نظرك على فتاة حسناء هي ابنة السيد جوردان أحد النبلاء الباريسيين؟
السيد جوردان :
ابن التركي العظيم قال ذلك عني؟
كوفييل :
نعم، وإذ أجبته أنني أعرفك معرفة خصوصية وأنني نظرت ابنتك قال لي: «مرا بابا ساهم» يعني: «آه كم أني أحبها.»
السيد جوردان :
مرا بابا ساهم تعني: «آه كم أني أحبها»؟
كوفييل :
نعم.
السيد جوردان :
الحق أقول لك: إنك أحسنت بقولك لي ذلك، إذ لم يكن ليخطر في بالي أن «مرا بابا ساهم» تعني: «آه كم أني أحبها.» إنها للغة جميلة!
كوفييل :
أجمل ما يستطيع أن يتصوره أي إنسان كان. أتعرف ما معنى «كاكارا كاموشن»؟
السيد جوردان :
كاكارا كاموشن؟ لا.
كوفييل :
معناها «يا روحي العزيزة.»
السيد جوردان : «كاكارا كاموشن» معناها: «يا روحي العزيزة»؟
كوفييل :
نعم.
السيد جوردان :
إنها للغة ساحرة، «كاكارا كاموشن» معناها: «يا روحي العزيزة» من يعرف ذلك؟
كوفييل :
وأخيرا، لكي أنجز المهمة التي عهد بها إلي أخبرك أنه سيطلب يد ابنتك للزواج، ولكي يكون له عم أهل له يريد أن يجعلك «ماما موشي»، و«ماما موشي» هو نوع من أعظم ألقاب بلاده.
السيد جوردان :
ماما موشي؟
كوفييل :
نعم، «ماما موشي»، و«ماما موشي» في لغتنا معناه دهقان، والدهقان هو من هؤلاء الدهاقين القدماء ... وخلاصة القول أن «ماما موشي» معناه دهقان، وليس في العالم أنبل من هذا اللقب؛ فهو يسمح لك أن تساوي بالنبل أعظم أسياد الأرض.
السيد جوردان :
إن ابن التركي العظيم يغدق علي الشرف، وأرجو منك أن تأخذني إليه لأشكره على نعمه وأفضاله.
كوفييل :
كيف؟ إنه قادم إلى هنا.
السيد جوردان :
قادم إلى هنا؟
كوفييل :
نعم، وهو صاحب معه كل شيء للاحتفال بلقبك الجديد.
السيد جوردان :
إنها لسرعة مدهشة!
كوفييل :
إن حبه لا يطيق أي تأخير كان.
السيد جوردان :
ولكن هناك أمرا يزعجني جدا، وهو أن ابنتي مستبدة برأيها، ولقد غرست في رأسها الميل إلى فتى يدعى كليونت مقسمة على ألا تتزوج غيره.
كوفييل :
ثق أنها ستغير رأيها عندما تشاهد ابن التركي العظيم، ثم إن الصدف شاءت أن يكون ابن التركي العظيم كثير الشبه بكليونت هذا، فلا عجب أن ينتقل حبها من أحدهما إلى الآخر ... و... أسمع وطء أقدامه، هو ذا.
المشهد الرابع (كليونت (متنكرا بزي تركي، ثلاثة حجاب يمسكون بذيل ردائه) - السيد جوردان - كوفييل (متنكرا))
كليونت :
إمبوساهم أوكي بوراف، ليوردينا سلامليكي.
كوفييل :
يعني ليكن قلبك يا سيد جوردان كوردة مفتحة طول السنة، هذا اصطلاح من الاصطلاحات التركية.
السيد جوردان :
إني خادم سموه التركي المطيع.
كوفييل :
كريكار كمبوتو أوستن موراف.
كليونت :
أوستن يوك كتاماليكي بوسم باز الله موراف.
كوفييل :
يقول: لتعطك السماء قوة الأسود وحكمة الأفاعي.
السيد جوردان :
إن سموه التركي يشرفني كثيرا، وإني لأتمنى له جميع أنواع الخيرات.
كوفييل :
أوسا بنيامن سادوك بابلي أوراكاف أورام.
كليونت :
بل من.
كوفييل :
يقول إنك ستسرع بتهيئة نفسك للاحتفال، ثم يجتمع بابنتك ويعقد الزواج.
السيد جوردان :
كل هذا بكلمتين.
كوفييل :
نعم؛ فاللغة التركية هي هكذا، تقول أشياء كثيرة بقليل من الكلمات، هيا عجل بتهيئة نفسك. (يخرج السيد جوردان وكليونت.)
المشهد الخامس (دورانت - كوفييل)
كوفييل (يضحك) :
يا له سخيفا! إن من يتعلم دوره يجيد لعبه، (يضحك)
أرجو منك يا سيدي أن تساعدنا على ما نحن فيه.
دورانت :
ها ها، كوفييل، لماذا تنكرت بهذا الزي؟
كوفييل :
أترى؟ (يضحك) .
دورانت :
لماذا تضحك؟
كوفييل :
أترك لك أن تحزر ذلك من نفسك.
دورانت :
ماذا؟
كوفييل :
احزر ماذا نعمل لنحمل السيد جوردان على أن يعطي يد ابنته لسيدي.
دورانت :
لا أستطيع أن أحزر ماذا تعملون، على أني لا أنكر أن المسألة التي تأخذها أنت على عاتقك لا بد أن تنجح نجاحا باهرا.
كوفييل :
كلف نفسك الابتعاد من هنا قليلا لتفسح سبيلا للقادمين؛ فستشاهد بنفسك قسما من الحكاية، أما القسم الآخر فسأقصه عليك. (دورانت يخرج).
المشهد السادس (كوفييل - السيد جوردان - كليونت - جمع من الأتراك والدراويش) (يبدأ الاحتفال التركي، أربعة من الدراويش يرقصون ويعزفون، خمسة من الأتراك يرقصون ويعزفون، ثم يدخل السيد جوردان والدرويش الأعظم.)
الدرويش (ينشد أمام السيد جوردان المرتدي لباسا تركيا، هذا المقطع الذي لا يستوي له معنى ولكنه على النسق التركي) :
سوتي سابير
تي رسبوندير
سينون سابير
تازير تازير
ميستار مفتي
تيكيستار تي
نون أنتاندير
تازير تازير.
الدراويش (يرددون) :
تازير تازير
الدرويش (ينشد) :
مها متيابر جيوردينا
مي بريكار سيرا إي ماتينا
فولر فار إن بلادينا
دي جيوردينادي جيوردينا
دار توربنتا إي دار سكارسينا
كون كاليرا إي بريكانتينا
برديفاندير بلاستينا
مها متيابر جيوردينا.
الدراويش :
إي والله.
الدرويش :
ستاربون تركا جيوردينا.
الدراويش :
إي والله.
الدرويش (يشير بإعطاء السيد جوردان شريطة النبل ثم ينشد) :
تي نون ستار فوربا؟
الدراويش :
نو، نو، نو.
الدرويش :
نون ستار فورفنتا؟
الدراويش :
نو، نو، نو.
الدرويش :
دونار تربنتا، دونار تربنتا. (الأتراك والدراويش يقلدون السيد جوردان شريطة الشرف، وهم يرددون كلام الدرويش الأعظم.)
الدرويش :
تي ستار نوبيله، إي نون ستار فابولا، بيكليار شيا. (يرقص الدراويش بالسيوف حول السيد جوردان.)
الدرويش (يشير إلى الدراويش بضرب السيد جوردان بالقضبان) :
دارا دارا باستونارا باستونارا. (يردد الدراويش هذه الكلمات وهم يضربون السيد جوردان ضربات موقعة على نغم الكلام.)
الدرويش (بعد أن يضربه بنفسه يقول له) :
نون تنير هونتا كستا ستار أولتيما أفرونتا. (وينتهي الفصل برقص الدراويش.) (الستار)
الفصل الخامس
المشهد الأول (زوجة جوردان - السيد جوردان )
زوجة جوردان :
آه يا الله! رحمتك وعونك! ما هذا الشكل؟ تكلم ... ما هذا؟ ومن ألبسك هذا الزي؟
السيد جوردان :
يا للوقاحة! إنها لوقاحة فظيعة أن يخاطب المماموشي بمثل هذه اللهجة.
زوجة جوردان :
ماذا تقول؟
السيد جوردان :
أقول إن الواجب يقضي عليك بأن تحترميني الآن وقد رفعت إلى رتبة مماموشي.
زوجة جوردان :
ماذا تقصد بمماموشيك هذه؟
السيد جوردان :
قلت لك مماموشي، إني مماموشي.
زوجة جوردان :
مماموشي، ما هو هذا الحيوان؟
السيد جوردان :
مماموشي معناه فارس نبيل.
زوجة جوردان :
فارس نبيل؟!
السيد جوردان :
وهذا لقب عظيم احتفل منذ هنيهة بمنحي إياه.
زوجة جوردان :
احتفل؟ أي احتفال هذا؟
السيد جوردان :
ما هاميتا بر أيوردينا.
زوجة جوردان :
ما معنى هذا؟
السيد جوردان : «أيوردينا» معناه جوردان.
زوجة جوردان :
حسنا، وبعد ذلك؟
السيد جوردان :
فولرفار إن بلادينا ده أيوردينا.
زوجة جوردان :
كيف؟
السيد جوردان : «دارتوربانتا» كون كاليرا.
زوجة جوردان :
ماذا يفيد ذلك؟
السيد جوردان :
بر ديفاندر بلاستينا.
زوجة جوردان :
ماذا تريد أن تقول؟
السيد جوردان :
دارا دارا باستونارا.
زوجة جوردان :
ولكن ما معنى هذه الترهات؟
السيد جوردان :
نون تنير هونتا كستا ستار لولتيما أفرونتا.
زوجة جوردان :
ولكن قل لي ما معنى كل هذا؟
السيد جوردان (يرقص) :
هولابا، بالاشو، بالابا، بالادا. (يقع على الأرض.)
زوجة جوردان :
وا أسفاه! يا الله، لقد جن زوجي.
السيد جوردان :
الصمت، يا لك وقحة، احترمي السيد مماموشي. (يخرج)
زوجة جوردان (وحدها) :
أين تراه فقد عقله؟ (تسرع بالخروج فتلتقي دوريمين ودورانت داخلين)
آه آه! ازداد الطين بلة، لا أرى أمامي إلا المشاكل والنكبات. (تخرج)
المشهد الثاني (دورانت - دوريمين)
دورانت :
نعم يا سيدتي؛ فسترين أضحك شيء تستطيعين أن تريه، ولا أظن أن في العالم رجلا أشد جنونا من هذا الرجل، ثم يا سيدتي يجب أن نخدم غرام كليونت، ونؤيد جميع مساخره حتى النهاية؛ فكليونت فتى لبق ظريف يستحق أن نوجه إليه كل اهتمامنا.
دوريمين :
إني لشديدة الاهتمام بهذا الفتى؛ فهو جدير بالقسمة الحسنة.
دورانت :
وعدا ذلك فالوليمة أو الحفلة الراقصة التي أعددناها هنا هي من مالي الخاص ولا يصح ألا نستفيد منها.
دوريمين :
لقد رأيت هنا استعدادات طيبة، وهذه الأشياء لم أبق أقدر أن أتحملها يا دورانت، ولكي أحول دون النفقات الباهظة التي تنفقها لأجلي وجدت طريقة صالحة وهي أن أتزوجك عاجلا؛ فالزواج يضع حدا لجميع النفقات.
دورانت :
آه يا مولاتي، وهل صحت عزيمتك على ذلك؟
دوريمين :
وما ذلك إلا لكي أحول دونك ودون الدمار؛ فبقاؤنا على هذه الحالة لا يدع في جيبك فلسا واحدا.
دورانت :
إني لأشكرك يا سيدتي، وكم أنا مدين لك بوضعك حدا لنفقاتي التي تقودني إلى الدمار، أما مالي وكل ما أملك فهو لك كما أن قلبي هو رهن يديك تتصرفين به كما تشائين.
دوريمين :
إني لأتصرف بمالك وقلبك معا، ولكن هو ذا صاحبك فهيئته بديعة.
المشهد الثالث (السيد جوردان - دوريمين - دورانت)
دورانت :
جئنا يا سيدي، مولاتي وأنا، نهنئك برتبتك الجديدة، ونتمتع معك بزواج ابنتك من ابن التركي العظيم.
السيد جوردان (بعد أن يحيي تحيات تركية) :
أتمنى لك يا حضرة السيد قوة الأفاعي وحكمة الأسود.
دوريمين :
يسرني يا سيدي أن أكون في طليعة الذين أقبلوا عليك يهنئونك بأعظم رتبة من رتب المجد.
السيد جوردان :
أتمنى لك يا سيدتي سنة زاهرة ملأى بالأوراد، وأجدني مدينا لك باشتراكك في حفلة تكريمي، فضلا عن أني شديد الغبطة بعودتك إلى هنا لأعتذر إليك عما بدر من زوجتي.
دوريمين :
لا بأس؛ فأنا أصفح عنها؛ إذ لا بد أن يكون قلبك ثمينا في نظرها، ولا غرابة في أن يكون امتلاك رجل مثلك مدعاة للقلق.
السيد جوردان :
إن امتلاك قلبي أصبح شيئا خاصا بك.
دورانت :
هل تأكدت الآن يا مولاتي أن السيد جوردان ليس من هؤلاء الناس الذين يعمي الفوز قلوبهم، وأنه يعرف في مجده أن يحافظ على حبه لأصدقائه؟
دوريمين :
وهذا لعمري برهان على الروح الكريمة.
دورانت :
أين سموه التركي؟ إني أرغب جدا في تقديم واجباتي إليه بصفتي صديقا لك.
السيد جوردان :
هو ذا، ولقد أرسلت في طلب ابنتي لأعطيه يدها.
المشهد الرابع (كليونت (بزي تركي ) - كوفييل (متنكرا) - السيد جوردان - دوريمين - دورانت)
دورانت (لكليونت) :
جئنا يا مولاي نرفع تحياتنا إلى سموك بصفتنا صديقين للسيد عمك، ونؤكد لك بكل احترام أنا من خدمك المطيعين.
السيد جوردان :
أين الترجمان ليقول له من أنت ويفهمه ماذا تقول؟ فسترى أنه يرد على كلامك بلغة تركية يجيدها جدا، هولا، إلى أين تراه ذهب؟ (لكليونت) : ستروف، ستريف، ستراف. حضرة السيد سيد عظيم، عظيم عظيم عظيم، وحضرة السيدة سيدة عظيمة، عظيمة عظيمة عظيمة. إن حضرة السيد مماموشي فرنسي، وحضرة السيدة مماموشية فرنسية. لا أستطيع أن أعبر بإيضاح أكثر من ذلك. (يرى كوفييل)
هو ذا الترجمان. (لكوفييل الداخل) : إلى أين ذهبت؟ لا نستطيع أن نقول شيئا بدونك، قل له قليلا إن حضرة السيد وحضرة السيدة من أصحاب الصفات الممتازة، وإنهما أقبلا يرفعان إليه تحياتهما بصفتهما من أصدقائي ويؤكدان له أنهما خادمان مطيعان. (لدوريمين ودورانت)
ستريان كيف يجيبكما.
كوفييل :
ألا بالا كروشيام أكشي بورام ألا بامن.
كليونت :
كتاليكي توبل أورين سوتير أماتوشان.
السيد جوردان :
أرأيتما؟
كوفييل :
قال: ليسق مطر النجاح في كل حين حديقة عيالكما.
السيد جوردان :
ألم أقل لكما إنه يتكلم التركية؟
دورانت :
جميل جدا.
المشهد الخامس (لوسيل - السيد جوردان - كليونت - دوريمين - دورانت - كوفييل)
السيد جوردان :
تعالي يا ابنتي، تقدمي وأعطي يدك لحضرة السيد الذي يشرفك بطلبه إياك للزواج.
لوسيل :
ماذا يا والدي، أهي مهزلة تلعبها؟
السيد جوردان :
لا، ليست مهزلة، بل هي قضية رصينة جدا فضلا عن أنها أشرف ما تستطيعين أن تحلمي به. (يشير إلى كليونت)
هو ذا الزوج الذي أعطيك.
لوسيل :
لي أنا يا أبي؟
السيد جوردان :
لك أنت، هيا المسي يده، واحمدي السماء على حظك.
لوسيل :
لا أريد أن أتزوج.
السيد جوردان :
أنت لا تريدين، أما أنا فأريد، أنا والدك.
لوسيل :
لا أريد.
السيد جوردان :
هذا ضجيج فارغ، هيا قلت لك، أعطي يدك.
لوسيل :
لا يا والدي، ولقد قلت لك أكثر من مرة: إنني لن أتحول عن كليونت، وأفضل أن أقاسي ... (تعرف كليونت)
ولكن لك علي حق الوالد على ولده ، وتستطيع أن تتصرف بي بحسب مشيئتك.
السيد جوردان :
آه! إني لشديد الغبطة برؤيتك تعودين فجأة إلى معرفة واجبك، وإنه لأمر جميل أن يكون للأب ابنة مطيعة.
المشهد السادس (زوجة جوردان - السيد جوردان - كليونت - لوسيل - دورانت - دوريمين - كوفييل)
زوجة جوردان :
ما هذا؟ ماذا تريد؟ سمعت أنك تريد أن تعطي يد ابنتك لأحد أقنعة المرافع.
السيد جوردان :
أبودك أن تخرسي أيتها الحمقاء؟ أم تريدين دائما أن تعالجي كل شيء بحماقتك؟ أما من وسيلة تعلمك أن تكوني عاقلة؟
زوجة جوردان :
أما من وسيلة لإدخال العقل في رأسك أنت؟ إني أراك تسير من جنون إلى جنون، قل، ماذا تقصد بهذا الجمع المحتشد من الناس؟
السيد جوردان :
أريد أن أزوج ابنتنا من ابن التركي العظيم.
زوجة جوردان :
ابن التركي العظيم؟
السيد جوردان :
نعم، قولي له كلمة ثناء (يشير إلى كوفييل)
على يد هذا الترجمان.
زوجة جوردان :
لا أحتاج إلى ترجمانك هذا، وسأقول له في أنفه أنه لن يحصل على يد ابنتي.
السيد جوردان :
أتريدين أن تخرسي مرة أخرى؟
دورانت :
كيف تقفين حاجزا دون شرف كهذا يا مدام جوردان؟ أترفضين سموه التركي صهرا لك؟
زوجة جوردان :
لا تتدخل بما لا يعنيك يا حضرة السيد.
دوريمين :
ولكنه مجد عظيم لا يصح أن تطرحيه.
زوجة جوردان :
وأرجو منك يا حضرة السيدة ألا تتدخلي أنت أيضا بما ليس من شأنك التدخل به.
دورانت :
ولكن العاطفة التي تربطنا بكم هي التي تجعلنا نهتم بما يعود عليكم بالخير.
زوجة جوردان :
إني في غنى عن عاطفتكم هذه.
دورانت :
ولكن ابنتك قد نزلت على مشيئة والدها.
زوجة جوردان :
ابنتي تنزل على مشيئة والدها في التزوج من تركي؟!
دورانت :
بدون ريب.
زوجة جوردان :
وهل تستطيع أن تنسى كليونت؟
دورانت :
ماذا لا تعمل المرأة لتصير سيدة عظيمة؟
زوجة جوردان :
إذا صحت عزيمتها على ذلك أخنقها بيدي.
السيد جوردان :
غريب عجيب! قلت لك إن هذا الزواج سيتم.
زوجة جوردان :
وأقول لك أنا: إنه لن يتم.
السيد جوردان :
ضجيج فارغ.
لوسيل :
أمي ...
زوجة جوردان :
اذهبي، يا لك شقية!
السيد جوردان (لزوجته) :
ماذا، تخاصمينها لأنها تطيعني؟!
زوجة جوردان :
نعم؛ فهي لي بقدر ما هي لك.
كوفييل (لزوجة جوردان) :
مدام.
زوجة جوردان :
ماذا تريد أنت؟
كوفييل :
كلمة واحدة.
زوجة جوردان :
لا أريد أن أسمع كلماتك ولا أبالي بها.
كوفييل (للسيد جوردان) :
إذا شاءت أن تسمع مني كلمة على حدة أؤكد لك أني أنزلها على مشيئتك.
زوجة جوردان :
لن أرضى بذلك.
كوفييل :
أصغي إلي هنيهة.
زوجة جوردان :
لا!
السيد جوردان :
أصغي إليه.
زوجة جوردان :
لا، لا أريد أن أصغي.
السيد جوردان :
سيقول لك ...
زوجة جوردان :
لا أريد أن يقول لي شيئا.
السيد جوردان :
إنه لعناد نسائي غريب! وهل يسوءك أن تصغي إليه؟
كوفييل :
أصغي إلي فقط ولا تعملي غير ذلك ثم تصنعين ما يبدو لك.
زوجة جوردان :
طيب، ماذا؟
كوفييل (على حدة) :
منذ ساعة ونحن نستدرجك لتفهمي القضية، أفلم تلاحظي أن ما نعمله الآن إنما هو استدراج لزوجك، وأننا تنكرنا بهذه الأزياء لنضله، وأن ابن التركي العظيم هو كليونت بعينه؟
زوجة جوردان :
ها ها!
كوفييل :
وأن الترجمان هو كوفييل بنفسه؟
زوجة جوردان :
آه! إذن سلمت.
كوفييل :
لا تتظاهري بشيء.
زوجة جوردان (بصوت مرتفع) :
حسن جدا، لقد وافقت على الزواج.
السيد جوردان :
آه! لقد عقلوا جميعا، بيد أنك لم تكوني تريدين أن تصغي إليه، وكنت على يقين من أنه سيشرح لك من هو ابن التركي العظيم.
زوجة جوردان :
لقد شرحه لي كما ينبغي، وإني لمسرورة جدا بذلك، أرسلوا في طلب الكاتب العدل.
دورانت :
طيب، وأخيرا بما أنك يا سيدتي رفعت عنك الغيرة على زوجك، فسأستعمل الكاتب العدل نفسه لزواجي من حضرة المركيزة دوريمين.
زوجة جوردان :
رضيت بذلك أيضا.
السيد جوردان (لدورانت بصوت منخفض) :
تعمل ذلك لتزيدها رسوخا، أليس كذلك؟
دورانت (لجوردان بصوت منخفض) :
لم أجد وسيلة أفضل من هذه.
السيد جوردان :
طيب، طيب (بصوت مرتفع)
ليسرع باستحضار الكاتب العدل.
زوجة جوردان :
ونيقول؟
السيد جوردان :
أعطيها للترجمان وأعطي امرأتي لمن يريد.
كوفييل :
أشكرك يا مولاي (على حدة)
لن نقع على مجنون أبلغ من هذا.
نامعلوم صفحہ