وقد ختمت كتابي هذا بأبيات ابن زيدون المغربي فهي تنفذ في كبد المحزون نفوذ السمهري-
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
شوقا إليكم ولا جفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضي علينا الأسى لو لا تأسينا
حالت لبعدكم أيامنا فغدت
سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
ليسق عهدكم عهد السرور فما
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا
من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم
ثوبا من الحزن لا يبلى ويبلينا
إن الزمان الذي قد كان يضحكنا
أنسا بقربكم قد عاد يبكينا
غيظ العدى من تساقين الهوى فدعوا
بأن نغض فقال الدهر آمينا
فانحل ما كان معقودا بأنفسنا
وأنبت ما كان موصولا بأيدينا
ولا نكون ولا يخشى تفرقنا
واليوم نحن ولا يرجى تلاقينا
لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا
إن طال ما غير النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلا
منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم
رأيا ولم نتقلد غيره دينا
يا روضة طال ما أجنت لواحظنا
وردا جلاه الصبي غضا ونسرينا
ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا
من لو على البعد حيا كان يحيينا
لسنا نسميك إجلالا وتكرمة
وقدرك المعتلى في ذاك يكفينا
إذا انفردت وما شوركت في صفة
فحسبنا الوصف إيضاحا وتبيينا
لم نجف أفق كمال أنت كوكبه
سالين عنه ولم نهجره قالينا
عليك منا سلام الله ما بقيت
صبابة بك نخفيها فتخفينا
صفحہ 116