والجواب عن ذلك : أنا قد بينا أن الهدى فى الحقيقة هو الدلالة والبيان ، وذلك منه لا من غيره ، وإنما ينكر أنه تعالى يخلق فى قلب المؤمن الإيمان ، ولا ينكر أن يقال فى الإيمان : إنه من الله عز وجل ، من حيث إنه أعلن عليه وسهل ويسر ولطف. وظاهر الآية إنما (1) يدل على ما نقول ؛ لأنه أراد : فإما يأتينكم منى (2) دلالة وبيان ، فمن تبع ذلك بأن تمسك به وعمل بموجبه فلا خوف عليهم.
ثم يقال للقوم : لو كان الهدى هو الإيمان لما صح أن يقول تعالى : ( فمن تبع هداي ) لأن الكلام يقتضى أن فعلهم هو غير الهدى الذى اتبعوه ، ولذلك أضاف الهدى إلى نفسه والاتباع إليهم. وذلك يدل على تغاير الأمرين ، وأن الهدى غير الإيمان ، ولو كان تعالى خلق الإيمان فيهم لم يجز أن يجعل الجزاء على ذلك أنه (3) ( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) لأن الجزاء إنما يستحق على فعل المجازى.
** 30 مسألة :
فقال : ( الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون ) (4) والملاقاة تدل على ما قلناه ، والرجوع إليه كمثل (5)، فكيف يصح لكم هذا مع نفى التشبيه عنه تعالى؟
صفحہ 87