355

بالمعاد ، وبين أنه لو عاجلهم بالعقوبة لقضى إليهم أجلهم (1) فكان الموت يرد عليهم عند إنزال العقوبة ، من حيث لا تحتمل ابنيتهم العذاب الشديد الذى يفعل بهم فى الآخرة وتحتمله أبدانهم [ فيها ] لأنه تعالى يصلبها ويقويها ويعظمها ، أو يريد بذلك أنه كان يزول التكليف عنهم بورود العذاب بحصول الإلجاء عنده إلى الطاعة ، فينقضى أجل التكليف عنهم.

ثم قال ما يدل على أنه أمهلهم ، ليستدركوا ويتوبوا فقال : ( فنذر الذين لا يرجون لقاءنا ) يريد أنه « يمد لهم (2) فى العمر ويخلى بينهم وبين التكليف ، ليكون قد أعذر وأقام الحجة.

ثم قال ما يدل على أنه قد علم أنهم يتسترون على الله ، فقال : ( في طغيانهم يعمهون ) وليس فى ذلك دلالة على أنه تعالى جعلهم كذلك ، ولم يضف إلى نفسه إلا تخليته بينهم وبين التكليف ، فهذا من فعله تعالى لا محالة ، وقد يقال فيمن يقدر على منع الغير مما هو فيه ، إذا هو خلاه ولم يمنعه ، إنه تركه فى ذلك الأمر ، وهذا ما يجوز عليه تعالى ، لأنه أراد منهم العدول عن العمه والكفر على وجه الاختيار لا على وجه الإلجاء.

** 316 فأما قوله تعالى :

لا ظاهر له (4)، ويجب أن يكون المراد أن شياطين الإنس والجن زينوا للمسرفين على أنفسهم فى الإقدام على المعاصى ، ما هم عليه من تعجيل الشهوات والعدول عن طريقة الآخرة.

صفحہ 356