أما والد مرسلين فإنه كان يأذن له بزيارته لمصداقته مع أبيه، ولكنه كان ينفر منه ليقينه أنه ليس على شيء من مبادئ الأشراف.
أما جان فقد جعل كل همه استرضاء مرسلين توصلا إلى حملها على حبه، فبدأت بالميل إليه، وهكذا يبدأ الحب.
وكان جريئا فكلما زادته ميلا زادها استرضاء، حتى وثق من أن الحب قد نفذ إلى قلبها كما تنفذ الأشعة من الزجاج، فبدأ يواعدها على اللقاء حتى انتهى بهما الأمر إلى أنهما كانا يجتمعان كل يوم بالخفاء.
إلى أن قال لها يوما: أتحبينني حقيقة يا مرسلين؟
قالت: أنت تعلم أني أحبك بملء جوارحي فلماذا تسألني هذا السؤال؟ - لأسمع منك هذه الكلمة الحلوة فما أسرها في قلبي. - أحبك أحبك.
فضمها إلى صدره وقال: إني ذاهب من فوري لأخطبك إلى أبيك. - اذهب أيها الحبيب؛ فإن أبي يجيبك إلى طلبك، وأنا أنتظرك هنا وأملي ...
فتركها وذهب إلى أبيها، وهو لا يرى ما تراه مرسلين من موافقته؛ إذ كان واثقا من أنه يعرفه حق العرفان.
وقد لقيه في قصره فاستقبله حسب العادة، ودار الحديث بينهما على الزراعة.
ثم أطرق جان برأسه وظهرت عليه علائم الوجل، فقال له مونتكور: ألك ما تقوله لي؟ - هو ذاك. - إذن لماذا التردد؟ قل فإني مصغ إليك. - لقد أصبت، فلا يجمل التردد مع صديق مثلك، فاعلم أن الأمر يتعلق بزواج. - أتريد أن تتزوج؟ - نعم. - حسنا تفعل، ولا سيما إذا وجدت فتاة ترضيك. - لقد وجدتها وهي لا ترضيني فقط، بل قد تيمني حبها. - لقد أدهشتني! أأنت من الذين يحبون؟ - لا أقول لك غير الحق. - إذن إنها لعجيبة، وهل أستطيع أن أنفعك بشيء؟ - لا أستطيع أن أتزوج إلا إذا كنت تريد.
فوقف مونتكور كأنما لسعته أفعى وقال: ماذا تعني بذلك؟ - أعني أنك والد التي أحبها وإني أتشرف بخطبتها إليك. - إما أن تكون مجنونا أو سكران.
نامعلوم صفحہ