ودخلت مودست وهي لا تعلم أنها ستجد روبير وأباه فلم تتمكن من إخفاء سرورها، ولكنها أجفلت حين رأت ملامح الحزن بادية في وجه روبير، فقالت له: رباه، ماذا حدث ولماذا هذا الانقباض؟ - لم يحدث ما يؤثر عليكم مباشرة يا سيدتي، ولكني أعده أعظم نكبة علي. - إن ما يؤثر عليك يؤثر علينا يا سيدي، فهل تأذن لي أن أسألك؟ - لا أجسر أن أفوه بكلمة لأني أخاف أن أسمع ما يجعل علتي غير قابلة للشفاء فسلي أمك.
فالتفتت إلى أمها وكلتاهما شبه الريشة في الهواء من فرط الاضطراب.
وقالت لها: ما هي هذه النكبة التي يشير إليها يا أماه؟
قالت: لا أعلم، ولكن الموسيو فولون جاء يخطبك لولده.
فخفق قلبها سرورا، وقالت: ماذا أجبت؟ - قلت الحقيقة: أي إن هذا الطلب يشرفنا، ولكنه سابق لأوانه لأنك لا تحبين الموسيو روبير. - أماه ... أماه ...!
وقد أرادت أن تقول لها: إنك مخطئة وإني أحبه بملء جوارحي. ولكنها رأت أنها مقطبة الجبين فأطرقت ساكنة وقد سحق قلبها؛ لأن احترامها لأمها كان أشد من حبها.
وكان روبير جالسا بالقرب منها فقال لها: بربك أجيبي فهل كنت مخطئا؟ أجيبي بالله. - أما سمعت يا سيدي ما قالته أمي؟ - أحق ما قالته؟ - هي وحدها التي يحق لها أن تجيب، فإذا رأت أن تجيب بما أجابته كانت واثقة بأنها ... تقول ... الحقيقة.
وقد رأت أمها أنها تكاد يغمى عليها، فأسرعت إلى نجدتها، ونهض فولون، وقد ظهرت عليه علائم الاستياء فقال لولده: هلم بنا فلم يبق لنا ما نعمله هنا.
فنهض روبير وخرج مع أبيه وهو قانط، ولكنه نظر إلى مودست فرآها تبكي.
أما مودست فإنها قالت لأمها بعد انصرافهما: لماذا قلت إني لا أحبه؟ ولماذا رفضت طلب أبيه؟ - أتريدين أن تفارقيني ... أتريدين أن تنسيني؟ - ألا يمكن للفتاة أن تحب أمها وزوجها معا، فلماذا أسأت إلي هذه الإساءة؟
نامعلوم صفحہ