وثمانين وأربع مئة. وكان انقطع من الأخذ عن ابن العربيّ، فقيل له في ذلك فقال: كان يدرّس وبغلته عند الباب ينتظر الركوب إلى السّلطان.
١٥٤ - محمد (^١) بن خير بن عمر بن خليفة، أبو بكر بن أبي الحسن
اللّمتونيّ الإشبيليّ
أخذ القراءات عن شريح واختصّ به حتّى برع، وسمع منه ومن أبي مروان الباجيّ، وأبي بكر ابن العربيّ، وجماعة، وبقرطبة من أبي جعفر بن عبد العزيز، وابن عمّه أبي بكر، وأبي القاسم بن بقيّ، وابن مغيث، وابن أبي الخصال، وجماعة، وأجاز له آخرون. وكان مكثرا إلى الغاية، بحيث إنه سمع من رفاقه، وعدد من سمع منه أو كتب إليه نيّف ومئة رجل. [١٧ ب] ولا نعلم لأحد من طبقته مثله.
وتصدّر بإشبيلية للإقراء والإسماع، وأخذ عنه الناس، وكان مقرئا مجوّدا، محدّثا متقنا، أديبا نحويّا لغويّا، واسع المعرفة، رضا مأمونا. سمعت شيخنا ابن واجب - وكان مكثرا عنه - يقول: سمعت أبا عبد الله بن حميد، يقول: سمعت أبا الحسن بن مغيث يقول: أبو بكر بن خير، خير ابن خير، وذلك قاله وقت أخذه عنه، قال أبو الخطاب: فكيف لو رآه حين رأيناه؟ لحق المتقدّمين، وأربى على المتأخّرين. وبيعت كتبه بأعلى ثمن، لصحّتها، ولم يكن له نظير في هذا الشأن، مع الحظّ الأوفر من علوم اللّسان. وولي إمامة جامع قرطبة.
وتوفّي رابع ربيع الأوّل سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وكانت جنازته
_________
(^١) التكملة ٢/ ٤٩ (١٣٢)، وترجمه الضبي في بغية الملتمس (١١٢)، وابن عبد الملك في الذيل ٨/ ٢٩٩، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢/ ٥٥٩، وسير أعلام النبلاء ٢١/ ٨٥، ومعرفة القراء ٢/ ٥٥٨، والعبر ٣/ ٦٩، وتذكرة الحفاظ ٤/ ١٣٦٦، والصفدي في الوافي ٣/ ٥١، واليافعي في مرآة الجنان ٣/ ٤٠٢، والسيوطي في بغية الوعاة ١/ ١٠٢، وابن الجزري في غاية النهاية ٢/ ٣٩، وابن العماد في الشذرات ٤/ ٢٥٢، و«خير» من تاج العروس، وقد طبع معجم شيوخه.
1 / 75