سرح ودع عنك قريشا وتركاضهم في الضلال وتجوالهم في الشقاق.
ألا وإن العرب أجمعت على حرب أخيك اليوم إجماعها على حرب النبي قبل اليوم ، فأصبحوا قد جهلوا حقه ، وجحدوا فضله ، وبادروه بالعداوة ، ونصبوا له الحرب ، وجهدوا عليه الجهد ، وجروا اليه جيش الأحزاب ، اللهم فأجز قريشا عني الجوازي ؛ فقد قطعت رحمي ، وتظاهرت علي ، ودفعتني عن حقي ، وسلبتني سلطان ابن أمي وسلمت ذلك إلى من ليس مثلي في قرابة من الرسول ، وسابقتني في الإسلام ، إلا أن يدعي مدع ما لا أعرفه ، ولا أظن الله يعرفه ، والحمدلله على كل حال.
وأما ما ذكرت من غارة الضحاك على أهل الحيرة فهو أقل وأقل أن يسلب بها وأن يدنو منها ، ولكنه قد أقبل في جردة خيل فأخذ على السماوة حتى قربوا من واقصة وشراف ، والقطقطانة وما والى ذلك الصقع ، فوجهت إليه جندا كثيفا من المسلمين ، فلما بلغه ذلك فرها ربا ، فاتبعوه ولحقوه ببعض الطريق وقد أمعن ، وكان ذلك حين طفلت الشمس للإياب فتناوشوا القتال قليلا فلم يبصر غلا بوقع المشرفية وولى هاربا ، وقتل من أصحابه بضعة عشر رجلا ، ونجا جريضا بعد ما أخذ منه بالمخنق فلأيا بلأي ما نجا.
وأما ما سألتني أن أكتب اليك برأي فيما أنا فيه ، فان رأيي جهاد المحلين حتى ألقى الله ، لا يزيدني كثرة الناس عزة ، ولا تفرقهم عني وحشة لأني محق ، والله مع المحق ، ووالله ما أكره الموت على الحق ، وما الخير كله إلا بعد الموت لمن كان محقا.
وأما ما عرضت به من مسيرك إلي ببنيك وبني أبيك ، فلا حاجة لي في ذلك فأقم راشدا محمودا فوالله ما أحب أن تهلكوا معي أن هلكت ، ولا تحسبن ابن أبيك لو أسلمه الناس متخشعا متضرعا « ولا مقرا للضيم واهنا ، ولا سلس الزمام للقائد ، ولا وطىء الظهر للراكب المقتعد » (6) ولكنه كما قال أخو بني سليم :
فان تسأليني كيف أنت فإنني
صبور علي ريب الزمان صليب
وهذا الكتاب من عقيل المروي بطرق متعددة (7) يدلنا على أنه كان مع أخيه
صفحہ 28