موسیقی شرقی
الموسيقى الشرقية: ماضيها، حاضرها، نموها في المستقبل
اصناف
وكان المغنون من العرب يكررون اللحن لتلاميذهم حتى يحفظوه، ولكن زرياب كانت له طريقة عظيمة في التعليم؛ إذ كان يقسم التعليم إلى ثلاثة أقسام: الأول لتعليم الإيقاع «الوزن» في قراءة الشعر، وأن ينقر التلميذ الدف ليظهر له زمن الإيقاع، ويضبط الحركات، ثم يدرس في القسم الثاني الألحان في شكلها البسيط، والقسم الثالث لدراسة ترجيع الصوت، وحلية الغناء، وإظهار العواطف.
وكان يمتحن أصوات تلاميذه قبل البدء في تعليمهم، فيقعد الطالب على كرسي صغير، ويصيح بصوت عال: يا حجام! أو يغني قائلا: آه! ويرددها على جميع أنواع السلم الموسيقي.
كانت حياة زرياب كلها عمل ونشاط؛ إذ ترك عشرة آلاف صوت كانت ميراثا فنيا عظيما للأندلس.
الموسيقى الفارسية
أجمع مؤرخو العرب على أن الموسيقى الفارسية قديمة الرقي، وقد دلت على ذلك كتبهم القديمة مثل الشاهنامة؛ إذ ذكر الفردوسي فيها شيئا كثيرا عن أخبار الموسيقى في عهد ملوك الفرس وأكاسرتهم الأقدمين.
ولا جدال في أن المدنية تسير هي والموسيقى خطوة بخطوة، وتعد الفرس من الممالك الراقية ذات الحضارة القديمة.
ولقد بلغت الموسيقى شأوا عظيما في عهد الأكاسرة الساسانيين، وكان مؤسس إمبراطوريتهم أزدشير بن بابك معضدا للموسيقى، مجلا لشأن الموسيقيين، وكان ملوكهم يصطحبون الموسيقيين ليطربوهم في أوقات الصيد والقنص.
وكان بهرام الخامس الملقب ببهرام جور شديد الولع بالموسيقى، واستحضر موسيقيين من بلاد الروم والهند.
أخذت الموسيقى الفارسية تتطور في الارتقاء حتى تغلبت على الموسيقى العربية القديمة، وحلت محلها الآن في جميع الشرق، وقد ابتدأ دخولها في الآستانة سنة 1637 ميلادية.
ولما فتح السلطان مراد الرابع بغداد بعد حصار طويل سنة 1047 هجرية، الموافقة لسنة 1637 ميلادية، أمر بقتل الثلاثين ألفا من الفرس الذين كانوا يدافعون عن هذه المدينة، وأن تكون المذبحة أمام عينيه، وحينما ابتدأت المذبحة اخترق الصفوف «شاه كولي» - أكبر موسيقيي الفرس - وتقدم إلى السلطان مراد يغنيه آلام أهل بغداد ومصائبهم بصوت رنان شجي أسال الدمع من مآقي السلطان القاسي، فعفا عنهم، وأخذ هذا المغني العظيم وأربعة غيره من المجيدين إلى الآستانة، وهناك أدخلوا الموسيقى الفارسية في بلاد الترك، فكانوا زعماء النهضة التركية، ثم انتقلت شيئا فشيئا إلى الشام ومصر والمغرب والبلاد العربية.
نامعلوم صفحہ