موسیقی شرقی
الموسيقى الشرقية: ماضيها، حاضرها، نموها في المستقبل
اصناف
أهاج هواك المنزل المتقادم
نعم وبه ممن شجاك معالم
وقال إسحاق الموصلي: جرى حديث المائة صوت المختارة عند الخليفة الواثق بالله، فأمرني باختيار أصوات من الغناء القديم، فأخذت له من غناء كل عصر ما أجمع علماؤه على براعته وإحكام صنعته، ونسبته إلى من شدا به، ثم نظرت إلى ما أحدث الناس بعد مما شاهدناه في عصرنا وقبيل ذلك، فاجتنبت منه ما كان مشبها لما تقدم أو سالكا طريقه.
الموسيقى العربية في الأندلس
فتح العرب الأندلس والبرتغال، وتوغلوا في فرنسا إلى بواتييه، وكانت أوروبا تتخبط في غياهب الجهل، فما لبثوا أن أضاءت شموس معارفهم ومدنيتهم، فأزهرت في الأندلس الآداب والفلسفة والطب والزراعة والرياضيات، وفن العمارة والزخرفة والموسيقى، وعلم النبات والتاريخ والفلك وغيرها.
كانت حلقات دروس الفيلسوف الشهير ابن رشد يؤمها الألوف من الإفرنج، وكانوا وقتئذ يتهافتون على تعلم اللغة العربية ليستعينوا بها على فهم علوم العرب وفنونهم. ومن تصفح فهرست مكتبة «الإسكوريال» بإسبانيا وجد فيها عددا عظيما من المؤلفات العربية مترجمة إلى اللاتينية والإسبانيولية والعبرية وغيرها.
وما فتئت آثارهم الفنية التي بلغت المثل الأعلى من جمال الفن العربي ناطقة بفضلهم، وما زالت الحمراء ومسجد قرطبة وغيرهما من القصور والمساجد والمدارس تختال في بردها القشيب وزخارفها الباهرة.
سمت الموسيقى بدورها في الأندلس إلى أوج العلى كباقي الفنون الجميلة، فابتدعوا الموشحات الأندلسية التي انتقلت من الأندلس إلى المغرب، ثم سارت إلى مصر فالشام فالعراق والعرب، وصارت الأبناء ترويها عن الآباء، وتناقلها الخلف عن السلف كأنفس الذخائر والطرف حتى عاشت لأيامنا هذه في جميع بلاد الشرق.
اشتهر زرياب بقرطبة حتى سحب ذيل النسيان على من سبقه بالأندلس من المغنين المجيدين؛ مثل: علون وزرقون، والقيان الشهيرات؛ مثل: فضل وعلم وقلم، وأصبحت إشبيلية أعظم مركز موسيقي في الأندلس، كما أشار إلى ذلك ابن رشد وابن خلدون؛ إذ قال الأخير:
حينما كان يموت عالم في إشبيلية ويراد أن تباع كتبه بثمن عظيم ترسل إلى قرطبة، وإن مات موسيقي في عاصمة الأندلس كانوا يرسلون آلاته الموسيقية ومخطوطاته إلى إشبيلية التي نمت فيها الموسيقى، وولع بها أهلها أشد الولع.
نامعلوم صفحہ