مشرقی موسیقی کی کتاب
كتاب الموسيقى الشرقي
اصناف
ولي كلمة هنا لأبناء فن الموسيقى في مصر وهي:
أرجوكم بلسان كل محب لرقي هذا الفن أن تتركوا التحاسد الذي بلغ بينكم أقصى غاياته، وأن تتمسكوا بالوئام والاتفاق وتجتمعوا على المحب والألفة وتتفقوا في المحافظة على شرف الفن ورفع شأنه - وأن تنسوا المخاصمات والمشاحنات الواقعة بينكم - وبدلا من أن تقولوا إذا سئلتم عن أحد أنه غبي جاهل لا يعرف من قواعد الفن شيئا - أن تقولوا له: مجيد في صناعته جاد في إتقانها مثلا - حتى لا تثبط همته ويثابر على عمله بجد ونشاط، ولكي لا يعرف منا الغير موضع الضعف والخطأ، فيذكروه لنا وقت المجادلة. ومن جهة أخرى أقول: ولا تثريب علي اليوم بأن سمعتكم لدى الناس صارت رديئة، وكرهكم لبعض سارت بذكره الركبان فضربت به الأمثال في جميع الأصقاع والبلدان - وفوق ذلك فإنهم يتهمونكم بأنكم ذوو نفوس صغيرة لا تميلون إلى منفعة بعضكم البعض ولا ترغبون في أن يظهر من بينكم نابغة تنتفعون بعلمه وينتفع الناس بعمله - وإن معاشرتكم لبني طائفتكم أساسها النفاق - وأعمدتها المداهنة والخداع، وهذا القول - والحق يقال - جارح لإحساس كل حر شريف ولهجة الناس به مرارا ضربة شديدة على الفن وازدراء بأهله وتحقير لمن يود أن يتصف به وينسب إليه.
فيا أرباب الطرب والكياسة والأدب أني لا أحب من صميم فؤادي أن تتصفوا بهذه الصفات الممقوتة من الله والناس - فأسألكم بحق رابطة الفن وجامعة الصناعة أن تكملوا أنفسكم بمحاسن الأخلاق وأحاسن العادات، وأن تتركوا ظهريا وساوس الشيطان وما يبثه في صدوركم من الغل والحقد وأن تنزعوا من أفئدتكم أدران النميمة والوقيعة بإخوانكم حتى تصل بكم إن شاء الله في القريب العاجل إلى ذروة كمال هذا الفن وإتقانه.
هذا ما يجب على المغني والملحن باختصار وإيجاز. أما ما يجب على السامع فهو: - يجب على السامع إذا دخل مجلس الغناء أن يكون بشوش الوجه مرحبا بالمغنين؛ لأنهم زينة المجلس وعليهم يتوقف سرور الجميع - ولا ينبغي له أن يقطع على المغني غناءه ليطلب دورا يحبه - ولعدم معرفته أصول الفن لا يدري أن الآلات تحتاج إلى تصليح - وأن المقام المصلحة عليه الآلات قد حلا وتمكن من آذان المغنين - وأنه غير المقام الذي يريد منه دوره - الذي إن لم يقله المغني ربما تزمر وتآمر مع أصحابه على معاكسته طول الليل، فليست كل هذه الأفعال من شيم الكرام - وإن كان لا مندوحة من طلبه، فليكن قبل تصليح الآلات - كما أنه لا يجوز له أن يصيح بكلمات التأوه قبل انتهاء الحركة - وأن لا يحتقر مغنيا، أو يرى أنه أرفع مقاما من أن يسلم عليه لا، فإن المغني إذا كانت خلاله شريفة، ولا يفعل فعلا يخل بالمروءة، فقد وجب احترامه ويكون لا فرق بينه وبين الطبيب - والرسام - والمحامي - وغيرهم من ذوي الفنون الجميلة - فالموسيقيون والممثلون في أوربا غاية في التجلة والتعظيم - ولكن أبى الله إلا أن نقلد الغربيين في رذائلهم ونترك محاسنهم - كما أنه لا ينبغي له أن يتنافس مع آخرين في أن المغني سيغني دوره الذي طلبه دون؛ سواه لأنه صاحبه أو عزيز لديه - بل يعلم أن المغني غير ملوم في أي شيء مطلقا؛ لأنه لو أراد أن يغني لكل واحد ما يريد لما تأتى له أن يرضي الجميع إلا في عشرة أيام على الأقل لتعدد الطلبات واختلاف النغمات - هذا من جهة - ومن جهة أخرى إذا لم يكن المغني مطروبا وراضيا عما يقول، فقلما يمكنه أن يطرب أحدا - وأكرر النصح والمقال وإن ألقيته أيها السامع في زوايا الإهمال أن لا شيء أصعب وأثقل على المغني من تكرير الطلبات أو ادعائك علم النغمات فتقول مثلا (الله كمان
3 ) هذه الحركة الجهاركاه - وتكون هي في الحقيقة عراقا) - كما أنه يجب عليك أن لا تسكر كثيرا وتقف على التخت ماسكا بعود المغني أو يده ليقول لك ما تريد أو يعيد ما قال من هذه الأمور التي تستدعي عكس ما تطلب في أكثر الأحيان - بل الواجب عليك أن تراعي إحساساته وتنشطه بكلامك العذب الرقيق؛ ومن ثم ينشرح صدره فيطربك بما يفتح الله به عليه
4 - وليعلم الذين يعرفون قيمة السماع الحقيقي وليس بالتقليد، وجل غرضهم أن يرفعوا بأبصارهم إلى الشبابيك أو أن يظهروا أربطة الرقبة الحريرية الحمراء و(الياقات) العالية البيضاء والأحذية الضيقة الزرقاء وتجعيد الشعور والخواتم الألماس - ثم يمنوا على المغني بعد كل نصف ساعة بلفظة (آه) في غير محلها - أن يمعنوا النظر ويدققوا الفكر ويعلموا أن الطرب الحقيقي في البيشراوات والموشحات إذا قيلت على مهل وباعتناء حتى تفهم ألفاظها ومعانيها - وليس في الأدوار كما يظنون إلا ما كان منها متينا (كمليك الحسن - الحجاز كار) للمرحوم (عبده أفندي الحمولي) - و(في هواك أوهبت روحي) (الراست) للشيخ محمد عبد الرحيم - أقول ذلك لأني شاهدت بنفسي مرارا أن بعضهم يقطع على المغني الموشحات البديعة التلحين المتينة الألفاظ والمعاني ليطلب دورا غاية في سخافة الألفاظ وضعف التلحين.
ومن أقبح ما ترى العين وتسمع الأذن أن يقاطع المغني متشاعر يدعي الخطابة فيضايق المغني والسامعين بوريقة لفق فيها بضع أبيات من الشعر الركيك أو النثر المستهجن فوقف موقف الخطيب ونعق نعيق الغراب، ونادى بما لا يسمع ولا يجاب - ولا بد أن يصادف مثل هذا الأحمق صفير أو تصفيق وكلاهما من علامات الاستهجان وإشارات عدم الاستحسان - إلا إذا كان التصفيق في النهاية؛ فإنه يكون استحسانا ممقوتا أيضا؛ لأنه غير منطبق على عوائد الشرقيين وعلى من يضيع هذا الغر على السمر والمتسامرين هزيعا من الليل لسماع كلمة الهراء الذي لا يجدي نفعا.
والأغرب أنه لا يكاد يجلس هذا الخطيب الصقيع الذقن حتى ينهض بعده مهزار يقابله آخر مثله خفة وظرفا فيتبادلان أنواع الشتائم والقذف المسمى عندنا (تنكيتا) ويأخذان على ذلك مكافأة من صاحب العرس يحرم منها الخطيب الأول حيث يتساوى الجميع على مائدة الطعام - فالأجدر بنا أن نقتلع جذور مثل هذه العوائد؛ فإنها من رأينا من مقدمات المفاسد.
هوامش
الفصل الرابع عشر
نامعلوم صفحہ