وإن كان الأمر كذلك، أفلا يكون مرض برود «ريكو» الجنسي، مجرد برهان على أنها شخصية تطلب المثالية الشديدة؟ ... مع تأملي في هذه الأفكار كل ليلة، كنت أقرأ تقرير التحليل النفسي لريكو عشرات المرات بحثا عن شيء هام مختبئ داخله ولم أستطع اكتشافه. وعندها، اتضح لي أن التحليل النفسي لم يصل بعد إلى الشاب قريبها الذي أصبح خطيبها؛ تلك الشخصية التي «يجب النفور منها وكرهها»، وكان اغتصاب ذلك الشاب لبراءتها في عمر المراهقة، السبب الأساسي لإقامتها في طوكيو. فكرت كثيرا في تلك الشخصية، ولكنني لم أصل مطلقا إلى رسم صورة محددة وواقعية له. وفكرت في أن ثمة ضرورة لكي أقتحم قليلا العلاقة بين تلك الشخصية المكروهة وشقيقها المختفي.
هناك أمر عرفته فيما بعد وهو أن حدسي هذا كان صائبا بدرجة مخيفة.
15
في النهاية، لم تأت ريكو في يوم جلسة العلاج الذي انتظرته على أحر من الجمر. ولم يأت منها اعتذار ولو باتصال هاتفي.
فكرت بغضب وأنا منفعل الأعصاب في العديد من الاحتمالات.
أحدها وهو احتمال متفائل جدا، وهو لا يعدم منه أمثلة لمرضى لا يعرفون الجميل في هذا المجتمع، تخيلت أن ريكو بفضل نجاح العلاج في الفترة الماضية قد استطاعت في النهاية سماع «الموسيقى» مع الشاب ريوئتشي لأول مرة، فتخلت عن كل شيء، واحتفالا بذلك ذهبا في رحلة لكي تزيل من ذاكرتها مناخ غرفة التحليل النفسي المثيرة للحنق.
والاحتمال الآخر، هو أن مقاومتها للعلاج تضخمت فجأة فوصل بها الأمر - من خلال الرعب من تحليل نفسيتها لأعمق أعماقها - إلى أن تحمل حقدا وكرها تجاهي، ولم تعد تستطيع رؤية وجهي لفترة طويلة من الوقت.
شعرت ببعض الغيرة من حدوث الاحتمال الأول، فنشأت داخلي رغبة في تصديق الاحتمال الثاني، ولكن كان معنى ذلك أن أعترف بنفسي أنني فشلت في أن أكون محللا نفسيا جيدا، وفي كلتا الحالتين، كانت مشاعري لا أستطيع الفخر بها بصفتي طبيب تحليل نفسي.
كانت عيون أكيمي كأنها تحكي ضمنيا بالقول «انظر ألم أقل لك؟» لم تنطق بذلك بلسانها ولكنها كانت مسرورة بإصابة تخمينها للهدف.
وبصراحة لقد قضيت طوال ذلك اليوم بمشاعر محبطة وكئيبة، ومن أجل ذلك كنت على وشك أن أنسى الصفة الأهم للمحلل النفسي وهي «الصبر.»
نامعلوم صفحہ