وكانت الحقيقة أن أكيمي كانت، على الأرجح، تتأمل دأبي ومثابرتي تلك بعيون ساخرة. وفكرت في أن أكتب بحثا علميا متخذا حالة ريكو مادة له، فكنت أكتب كل شيء في مفكرتي بالتفصيل. وأمرت مساعدي كوداما بالحفاظ على ملفها بعناية شديدة، فكان كل ذلك، على ما يبدو، ينعكس في عيني أكيمي على أنني أعامل ريكو معاملة خاصة.
فكانت تلقي جزافا بقول لا يمكن التصنع بعدم سماعه مثل: «لا فائدة مما تفعله. مهما أتعبت قلبك فستكون النتيجة مثل زبد البحر.»
ولأنني من صفاتي عدم العراك مطلقا، فقد كنت دائما أسخر بضعف قائلا: «حقا! يبدو في الفترة الأخيرة أن حالتك أنت هي التي تستدعي جلسات تحليل.» - «حاول أن تقوم بتحليلي. سيكون ذلك ممتعا. فستظهر بيانات ومعلومات كلها تضعك في وضع حرج. ما رأيك في أن تقدمها هي بحثا إلى اللجنة العلمية؟»
هكذا ترد بتهكم يشبه تهكم الزوجة مع أننا لا نقيم معا أصلا.
نتيجة قراءاتي مؤخرا - ومع أخذ طريقة أستاذي بعين الاعتبار - صرت تدريجيا أميل إلى طريقة التحليل النفسي الوجودي (
Daseinsanalyse ) التي بدأها لأول مرة البروفيسور السويسري لودفيغ بنزفانغر في أبحاثه لطرق علم الأمراض النفسية (
psychopathology ). كانت تلك الطريقة متأثرة تأثرا عميقا بالفلسفة الوجودية للفيلسوف الألماني هايدجر، فهي طريقة تنسلخ من الطريقة الفرويدية التي تعمل تصفية لوجود الإنسان الحي كأنه آلة من خلال أفكار المصطلحات المختلفة للتحليل النفسي، وتحاول الإمساك بصورة إنسانية أكثر تحديدا وواقعية للمريض، وتكون وجودية وجودا حقيقيا. تلك الطائفة من العلماء؛ ومنهم على سبيل المثال عالم التحليل النفسي في زيوريخ ميدارد بوس؛ تتحدث - عبر خلفية فلسفية ضخمة جدا؛ ومن خلال مشاهدات محايدة وحميمية للإنسان؛ ظهرت من خبرات العلاج السريري العميقة - عن أن اكتشاف الجروح النفسية في مرحلة الطفولة فقط، لا يكفي لتفسير أنواع الانحرافات الجنسية المختلفة، ولكنهم يفسرون أن تلك الانحرافات نفسها هي فشل وانتكاسة، وأنها - حتى وإن كانت سلوكا ضالا عن الطريق المستقيم - في الأصل مثلها مثل السلوك الصالح للشخص الصالح. ومن خلال ذوبانها في تجارب جنسية متفردة، تكتشف للحب «إمكانات وجود داخل العالم»، وتحاول بشكل ما الوصول إلى «شمولية الحب».
وحتى وإن قلنا إنها نظرية علمية لم تتقبلها اليابان تماما بعد، فإنها تملك إجابة كافية لبعض الشكوك التي كانت تعتري صدري في الآونة الأخيرة، وتحتوي كذلك على جانب يقارب النظرية العلمية للفرويدية الجديدة في الولايات المتحدة.
لا نستطيع أن نضع البرود الجنسي لريكو في سلة واحدة مع الانحراف الجنسي، ولكن ما دام واضحا أنها جعلت ذلك العيب سلاحها الذي تحارب به في حياتها - سواء عن وعي أم عن لاوعي - فلا يكفي أن يؤخذ هذا البرود الجنسي على أن له جانبا سلبيا - أي جانب «الرفض» - فقط، بل يجب النظر إليه على أن له جانبا إيجابيا؛ فمن خلال ذلك السلاح، أو ذلك الدرع، تحاول في أعماق قلبها دائما الوصول إلى «شمولية الحب». هل الوصول إلى «شمولية الحب» بالنسبة لها، هو فقط قدرتها على مقابلة شقيقها الأكبر الذي لا يعرف مصيره؟ ... أنا شخصيا لا أعتقد ذلك.
إن الإنسان حيوان متعب جدا، يضع بنفسه العوائق أمام الأهداف التي يجتهد هو نفسه في الوصول إليها، وإن فكرنا في أن البرود الجنسي هو العائق الذي وضعته «ريكو» بنفسها، فإنه يمكن التفكير في أن الهدف النهائي الذي تريد هي الوصول إليه، هو حديقة زهور اللذة الكاملة للحب الجنسي، والذي لا تعرفه جيدا نسبة تصل إلى 99٪ من نساء المجتمع، وما يمكن اعتباره أيضا، «جنة النشوة» منقطعة النظير.
نامعلوم صفحہ