مشکلہ العلوم الانسانیہ
مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها
اصناف
والتفسير في العلوم الطبيعية والإنسانية على السواء، إنما هو الإحاطة بالظاهرة، والتمكن منها. فإذا سار بشكل سليم يمكن أن يتضمن توجيهها، فيما يعرف بالتقانة (التكنولوجيا أو فعالية العلم) التي قد تتضمن بدورها التغيير. «فمثلا إذا أخذ التفسير في اعتباره العوامل التاريخية وتطور المجتمعات، فإن معنى ذلك هو كشف التغيير والتطور والأزمات التي هي جزء من الظواهر الاجتماعية التي ندرسها.»
44
وإذا تذكرنا العلاقة بين التفسير والتنبؤ - وكلاهما استنباط - التي أشرنا إليها في الفصل السابق من البحث فسوف نجد كلود ليفي شتراوس - رائد الإنثروبولوجيا البنيوية التي هي محاولة جادة للوصول إلى مبدأ للتفسير - يرى أن العلوم الاجتماعية أو الإنسانية - وهو يؤكد أن المصطلحين مترادفان - تقع وظيفتها في منتصف الطريق بين التفسير والتنبؤ، ويذهب إلى أن «الإشكالية أو الصعوبة في هذه العلوم تأتي من أن مختلف أنساق تلك العلوم لا تقع على نفس المستوى من الناحية المنطقية ، كما أن المستويات التي ترتبط بها متعددة ومعقدة. وكثيرا ما تكون تعريفاتها غير دقيقة.»
45
وهذا بالطبع يمثل معوقات للمرحلة التفسيرية.
وهومانز بعد تأكيده أن الصعوبات المحيطة بالعلوم الإنسانية تقع في التفسير دونا عن الوصف - الكشف بمصطلحاته - يختم محاضراته في طبيعة العلوم الإنسانية أو الاجتماعية بأن العمل العلمي لن ينجز فيها إلا حينما تؤخذ الوظيفة التفسيرية بجدية، و«إن نفسر هو أن نحكم وننظم، فلنحاول - على أبسط الفروض - تفسير أكثر ملامح الحياة الاجتماعية شيوعا.»
46
نخلص من كل ما سبق إلى أنه بعد الاطمئنان إلى المرحلة الوصفية يغدو التفسير حدا ومعيارا لمدى تقدم العلوم الإنسانية؛ لقدرتها على الوقوف في استقلال عن العلوم الطبيعية، ثم تعاون الأنداد معها في أداء مهمة العلم الإخبارية بشأن مجمل ظواهر هذا الكون الفيزيائية والحيوية والإنسانية. وهذا يرتبط بقدرة العلوم الإنسانية على الاستفادة من العلوم الطبيعية، وإفادتها، واحتفاظها في الوقت نفسه بالنظرة الموضوعية المراعية للنوعية الخاصة لظواهرها، وسيرها على أسس ومبادئ منهجية. وبينما وجدنا التفسير في العلوم الطبيعية يطرد تقدمه لقيامه على قاعدة صلبة متماسكة تتمثل في اتفاق العلماء على تخوم واضحة، وداخلها قد يتلاقى الرأي والرأي الآخر تلاقي التكاتف والتآزر، فوجئنا بعكس ذلك في العلوم الإنسانية «حيث لا يزالون مختلفين حول موضوع الدراسة، وأيضا حول الموقف الذي يتخذونه بإزاي (أي المنهج). ولا شك أن إحدى المهام الخطيرة لفلسفة العلم هي حل تلك المشكلة والتقريب بين وجهات النظر المتباينة.»
47
السؤال الآن: كيف يتم هذا التقريب كوسيلة لتآزر الجهود وتكاملها في خوض غمار المرحلة التفسيرية عسيرة المراس خوضا أكثر اقتدارا ... أكثر إخبارا ... أكثر علمية؟
نامعلوم صفحہ