مشکلہ العلوم الانسانیہ
مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها
اصناف
وهومانز يتفق معنا على أن صعوبات العلوم الإنسانية تقع في التفسير أكثر منها في الكشف أو الوصف، وأن المشاكل المميزة للعلوم الإنسانية هي مشاكل التفسير.
32
ذلك أنه بينما تتكامل التفسيرات في العلوم الطبيعية، أو يتجاوز بعضها البعض في متصل التقدم الصاعد، وعلى أقصى الفروض يميل تفسير إلى التأكيد على زاوية دون الأخرى، نجد التفسيرات في العلوم الإنسانية تتنازع وتتناقض، وقد تبلغ حد التضاد الصريح، ومن أوضح الأمثلة على هذا تحليلية فرويد وسلوكية واطس، اللتان احتلتا قصب السبق في علم النفس في نفس الفترة التاريخية، وتنازعتا نفس الحلبة، وعلى حين نجد خطأ التفسير التحيلي في أنه يبالغ في تعميق الظاهرة النفسية وتعقيدها، نجد خطأ التفسير السلوكي في أنه يبالغ في تسطيح الظاهرة النفسية وتبسيطها، وإن كان تبسيطا لحساب منهج العلم وإبستمولوجيته.
وتعجز التفسيرات المطروحة في العلوم الإنسانية عن التكامل؛ لأنها تفتقر إلى الخصائص المنطقية الدقيقة. لسنا نقصد إنكار أي قيمة لها، أو الحط من شأنها، أو أنها محض هراء أو لغو! كلا بالطبع فلا شك أنها تضمنت محاولات جسورة جبارة، ولكن ينقصها شيء من الدقة لتكون مثمرة حقا. بعبارة أخرى، يغدو التقنين المنطقي الدقيق للتفسيرات في العلوم الإنسانية كفيلا بأن يجعلها تتجاوز الكثير من تخلفها النسبي عن العلوم الطبيعية.
على هذا النحو يتأتى تحديد منطق التخلف النسبي للعلوم الإنسانية، فقط بافتقاد المرحلة التفسيرية تقنينا منطقيا أدق. فلا يوجد البتة أي مسوغ منطقي لتطرف البعض، حتى يذهب إلى أن مشكلة العلوم الإنسانية «هي أنها ليست علوما»، فلا يعود السؤال المطروح: كيف يمكن مواجهة تخلفها النسبي أو معوقات تقدمها؟ بل يصبح: هل يمكن أصلا قيام علوم إنسانية، وسرعان ما تأتينا الإجابة بالنفي.
33
هذه الإجابة المتطرفة عادة ما تستند في إنكارها لإمكانية العلوم الإنسانية على أساس من التسليم المبدئي بأن العلم لا يكون إلا في صورة العلم الدقيق
exact science
الذي يتحول إلى صورة نسق رياضي يخلو من أي ألفاظ كيفية، ولا يتحدث إلا بالرموز والأعداد، ويا حبذا لو راحت الفوارق الشكلية بينه وبين الرياضة. فذلك هو شأن الفيزياء البحتة التي تستنبط من معادلاتها فقط بالأساليب الرياضية ما لا يكشف عنه الواقع التجريبي إلا بعد سنوات، كما حدث حين توصل ديراك
Dirac
نامعلوم صفحہ