وَأَن الله تَعَالَى خلق آدم على جَمِيع صوره وَصِفَاته ومعانيه وأعراضه وَمثله فِي الْكَلَام أَن يُقَال عرفني هَذَا الْأَمر على صورته إِذا أردْت أَن يعرفك على الإستيفاء والإستقصاء دون الإستبقاء
وكما أفادنا ﷺ بذلك تَكْذِيب الطبائعيين فِي كَون بعض هيئات الْبشر من توليد الطَّبْع وإيجابه كَذَلِك أفادنا تَكْذِيب الْقَدَرِيَّة حَيْثُ زعمت أَن من مَعَاني آدم ﵇ وأعراضه وَكثير من هيئاته لم يخلقه الله ﷿ وَإِنَّمَا خلقه آدم وأبدعه هُوَ من دون الله ﷿
وَوجه آخر مِمَّا يحمل عَلَيْهِ تَأْوِيل هَذَا الْخَبَر إِذا قُلْنَا إِن الْهَاء ترجع إِلَى آدم وَهُوَ أَن يكون مَعْنَاهُ إِشَارَة إِلَى مَا نقُول على أصولنا إِن الله ﷿ خلق السعيد سعيدا والشقي شقيا فَلَمَّا خلق آدم وَقد علم أَنه يَعْصِي وَيُخَالف أمره وَكتب ذَلِك عَلَيْهِ وَأَنه عز ذكره هَكَذَا خلقه على مَا علم وَأَرَادَ أَن يكون عَلَيْهِ وَشهد لذَلِك حَدِيث مُحَاجَّة مُوسَى لآدَم ﵉ لما قَالَ مُوسَى لآدَم لما التقيا فِي السَّمَاء
أَلَسْت الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ وأسجد لَك مَلَائكَته وأسكنك جنته ثمَّ عصيته وخالفت أمره
فَقَالَ آدم ﵇
أَكَانَ ذَلِك شَيْء مني أَو أَمر كتبه الله ﷿ عَليّ قبل أَن يخلقني
فَقَالَ مُوسَى ذَلِك مِمَّا كتبه عَلَيْك قبل خلقك قَالَ ﷺ
1 / 63