مسألة هل يدخل الآمر والمخاطب تحت الخطاب فى مثل قول القائل لمأموره ( من دخل هذه الدار فأعطه درهما ) فلو دخل هذا القائل فهل يعطى بحكم هذا اللفظ اذا لم يمنع منه قرينه يخرج على مذهبين للاصوليين أحدهما يدخل اختاره الجوينى وهو أقيس بكلام أصحابنا وقال القاضى فى مختصر له فى أصول الفقه الآمر لا يدخل تحت أمره لان الآمر يجب أن يكون فوق المأمور فأما النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغ عن الله تعالى فهو وغيره فيه سواء الا ما خصه الدليل وأما ما أمر به من ذات نفسه فلا يدخل فيه الا أن يقره الله عليه فحينئذ يدخل فيه لان الاصل أن المخاطب لا يدخل تحت خطابه الا بدليل ولهذا اذا قال ( أنا ضارب من فى البيت ) لا تدخل نفسه فيه وصرح القاضى به فى الكفاية فقال والآمر يدخل تحت الامر خلافا لاكثر الفقهاء والمتكلمين في قولهم لا يدخل وذكر أن قول أكثر الفقهاء والمتكلمين أن الآمر لا يدخل تحت الامر ثم انه فى بحث المسألة بين أن صورة المسألة اذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بشيء وعلله بأنه ليس يأمر نفسه وانما هو مبلغ أمر الله قال وعلى أنه غير ممتنع أن يقول لنفسه افعلى ويريد منه الفعل وقد ذكر عن المخالف أنه لا يجوز أن يأمر نفسه بلفظ يخصه فلا يجوز أن يكون آمرا بلفظ يعمه وغيره فأجاب بهذا فصارت المسألة ثلاثة أقسام أحدها أن يأمر نفسه بلفظ خاص الثانى أن يأمر نفسه وغيره الثالث اذا أمرهم مبلغا عن غيره وظاهر قول الحلوانى أن هذه المسألة من جملة صورها ما اذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بشىء فهل يدخل أم لا وقال أبو محمد التميمى لا يدخل الآمر تحت الامر المطلق الا بدليل وهذه متصلة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لامته هل يدخل فيه فان لها ( مأخذين ) أحدهما أن أمره من الله تعالى فيكون هو مبلغا لامر الله والثانى بتقدير أن يكون هو الآمر فهل يدخل الآمر تحت أمر نفسه أكثر كلام القاضى أنه لا يدخل وفيه وجه آخر أنه يدخل وقال القاضى فى مقدمة المجرد واذا أمر الرسول بأمر فانه يدخل هو صلى الله عليه وسلم فى حكم ذلك الامر الا أن يكون فى مقتضى اللفظ ما يمنع دخوله فيه
مسألة يدخل الرسول فى خطاب القرآن كقوله
ﵟيا أيها الناسﵞ
و
ﵟيا أيها الذين آمنواﵞ
وهذا قول عامة الاصوليين قال قال الجوينى وذهبت شرذمة لا يؤبه لهم إلى أنه غير داخل لان له خصائص قال الجوينى وهذا هذيان لأن خصائصه فى بعض القضايا لا يوجب خروجه من الخطابات الكلية وما من صنف من الناس الا وقد اختصوا بخصائص عن غيرهم كالمسافرين والمرضى ثم لم يمنع ذلك من دخولهم فى العام قال وذهب بعض أهل الفقه منهم أبو بكر الصيرفي والحليمى إلى أنه ( ان صدر ) الخطاب العام ( بأمر ) الرسول ( بتبليغه ) كقوله
ﵟقل يا أيها الناسﵞ
لم يدخل فيهم والا دخل ( ثم ضعف ) ذلك وزيفه
مسألة اذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بشىء دخل فى حكمه عند اصحابنا وهو ظاهر كلام أحمد لانه فى مواضع كثيرة عارض نهيه وأمره بفعله وتكلم على ذلك وبهذا قال بعض الشافعية خلافا لاكثر الفقهاء والمتكلمين لا يدخل فى حكمه والاول قول عبد الجبار بن أحمد وجماعة من المعتزلة والثاني اختيار أبى الطيب من الشافعية كأكثرهم واختاره أبو الخطاب وقال بأن كلام أحمد انما يدل على معارضة فعله لقوله حيث ان فعله يتعدى إلى أمته أما العكس فلا وصورة المسألة أن يقول افعلوا كذا أو يقول ان الله يأمركم بكذا فأما ان قال ( ان الله يأمر بكذا ) أو يأمرنا بكذا فانه يدخل فيه بلا خلاف نعلمه
صفحہ 30